الاثنين، 3 يناير 2011

ارشيفي من دار ليلى ثأر تحية لابطال العراق (قصة قصيرة)

ثأر


نظر خلفه فأحس كأن زوجته وأطفاله ينظرون له ويهزون رؤوسهم نفيا داعينه ألا يتهور.
ابتلع ريقه ووقف يراقب هذا الغليظ وهو يلقي بها أرضا ويسألها بعربيته الركيكة "زوجك...أين... تكلمي يا حقيرة....سأعلمك الحديث يا إرهابية"
انحنى على الضابط الذي يراقب الموقف بلا اكتراث وهمس بالانجليزية في أذنه "سيدي إنها حبلى."
نظر له الضابط ببرود بضع لحظات ثم نفث دخان سيجارته في وجهه وقال "ومن ثم؟"
ولم ينتظر الرد بل غادر المكان بهدوء ليتابع باقي القوات أثناء اقتحامها لتلك القرية المزعجة.
وقف الجبوري يرقب المشهد المروع أمام عينه وأولئك الأمريكيين يروعون تلك السيدة المسكينة ثم انتفض جسده فزعا عندما تلقت ركلتها الأولى في وجهها كأنما صدمت وجهه هو فقال للجنود "على

رسلكم. لا داع لهذا العنف."
قالها وهو يلتفت خلفه لينظر لخيال زوجته وأطفاله الذين ينظرون بذعر ويطالبونه بالخمول.
قال الجندي الغليظ "هؤلاء إرهابيين ليس لهم إلا الموت."
هوت ضربة أشد إيلاما هذه المرة على البطن المنتفخ فأحس الجبوري بالاختناق وقال مرتجفا "إنها حبلى يا رجل. توقف."
ضحك الأمريكيين في سخرية بينما خفض زميله العراقي عينه في ألم قبل أن يقول أحد الأمريكيين "إرهابية تحمل إرهابي, لو أرادت الحفاظ عليه فعليها أن تعترف بمكان زوجها القاتل."
ثم هوى عليها بسلسلة من الركلات الموجعة وقالت السيدة ناظرة نحو الجبوري كأنما أدركت أنه القلب الرحيم الوحيد بينهم "أرجوك. لأجل ولدي الذي في أحشا.........."

قاطعها دبشك بندقية أطار بعض أسنانها
قال الغليظ "لن ينفعك أحد أيتها الحمقاء سوى نفسك. أين زوجك؟"
لم يعرف كيف وجد نفسه يقول بصرامة "توقفوا وإلا..........." ثم صمت. لم يجد ما يكمل به التهديد
نظر له الغليظ باستهزاء وقال بانجليزية مفككة ركيكة كأنما يفهم أحمقا بها " وإلا ماذا؟ ستشكونا؟ تفضل كن ضيفي be my guest"
كظم غيظه وقهره بصعوبة بالغة ثم قال زميل الأمريكي "الجيش ليس مكانا لأصحاب القلوب الضعيفة."
هل حقا انضم للجيش العراقي الجديد ليكون من أصحاب القلوب الغليظة؟ يذكر كلمة شيخ المسجد حينما سأله هل ينضم له ليجد وظيفة تطعم أبناءه أم لا فرد عليه "بل انضم له لتكون حاميا لوحدة

الوطن وأمه. وذات يوم فهذا الجيش الذي يدربه الأمريكان سيكون من يطرد الأمريكان من بلادنا كما فعل الكيلاني مع الانجليز وكما فعل عبد الناصر في مصر معهم, جيشنا اليوم يحفظ الأمن وغدا

يحفظ الحرية فانضم له على بركة الله."
قالوا له "ستذهبون لتصفية جيب إرهابي للقاعدة, للرجال الذين فجروا الاسواق بالابرياء وقدموا ذبح العراقي على الأمريكي
لكنه اليوم يجد نفسه لا يحارب غير امرأة حبلى عاجزة
انتزعه من شروده ضحكات الجنود على المرأة حينما وجدوها تكومت حول نفسها بطريقة غريبة لتحمي بطنها المنتفخ وهنا أتاه خاطر مروع: هل سيستطيع الحياة وهذا المشهد في أحلامه؟ هل ابنه

أغلى من ابن هذه السيدة على الأمريكان.
نظر خلفه ليجد خيال أولاده وزوجته لأول مرة ينظرون له موافقين ومباركين.
قال بصرامة "توقفوا وإلا ستكون العواقب وخيمة."
ضحكوا على كلمته واجتمع ثلاثة منهم على المرأة يضربونها بأرجلهم ويكررون السؤال
تحرك للخلف كالمقهور. سيقولون خائن ويقولون متطرف وقد يشردوا أولاده وزوجته. ربما يكون القتل الفوري أرحم ما سيفعلون به لكنه كان مجبورا حقا. كأنما له نصيبه من اسمه.

صعد فوق سقف سيارة في الطريق ورفع مدفعه الرشاش وأفرغ غضب الوطن في أجسادهم الحقيرة بلا إنذار.
لقد أخذ بالثأر وليحدث بعدها ما يحدث.

تحية للجبوري ولكل ابطال العراق الذين يرفضون الهوان

محمد الدواخلي 10/1/2008

ليست هناك تعليقات: