الاثنين، 3 يناير 2011

ارشيفي من دار ليلى قراءة في كتاب الخليج البريطاني

اسم الكتاب
الخليج البريطاني: كيف صنعت بريطانيا دول الخليج
نوعه: تأريخي وثائقي
الكاتب: ايهاب عمر



الخليج البريطاني كتاب علمي متميز, أحدث ضجة ربما تكون في صالحه بسبب مشكلة ثارت مع السلطات السعودية ضده. ولأن موضوعه تاريخي وهذه من المواد المفضلة لدي فقد اردت قراءة الكتاب منذ صدوره خصوصا وأن النبذات البسيطة في كتاب التاريخ بالثانوية العامة كانت لا تسمن ولا تغني من جوع في معرفة تاريخ الجزيرة العربية في الفترة الحرجة التي شكلت عصرنا الحالي ما بين انهيار حكم محمد علي الخارجي واستقلال دول الخليج الذي اكتمل في السبعينات

الكتاب ليس موسوعة شاملة في تاريخ الخليج العربي بل أخذ وجهة نظر محددة يقوم بدراستها. دور بريطانيا العظمى في تشكيل دول الخليج الحالية. لذا كان التركيز منصبا على هذا الدور الذي تعاظم في بعض الدول كاما يعرف الآن بالسعودية والكويت وتضاءل في دول أخرى اكتفى الكتاب بالمرور السريع عليها.

الكتاب مجهود متميز, ربما احسست فيه ببعض الفلتات التي كانت بحاجة لانتباه أفضل من الكاتب لكنه يقدم وجبة علمية ثرية باسلوب صحفي سهل يستحق التقدير.


مع تفصيل الكتاب

يبدأ الكتاب بالدولة السعودية,. أكبر دول الخليج وأعمقها أثرا في جيرانها وذات التاريخ الأكثر تقلبا, دولة مرت بثلاث مراحل متباينة بدأت بالثورة الوهابية في أوائل القرن التاسع عشر وانتهت باعلانها منتتصرة على كل الأعداء بعد انقضاء الربع الأول في القرن العشرين
يتضمن هذا القسم من الكتاب حديثه عن الدول المنافسة التي أزاحتها السعودية كالحائل والحجاز ويأخذ هذا القسم اكثر من نصف الكتاب

يهتم الكتاب كذلك بتاريخ دولة الكويت ثم يلقي نظرة سريعة على الامارات والبحرين وقطر, لم يفرد الكتاب مساحة كافية لدولتين عريقتين كعمان واليمن على الأرجح لاهتمامه بالدور البريطاني في خلق وتشكيل معالم دول الخليج بينما كلتا الدولتين اقتصر الدور البريطاني على تفتيت دولة قائمة بالفعل عريقة

يتميز الكتاب باسلوب صحفي سهل (ولكنه تحول لعيب في بعض المواضع) كذلك باهتمامه بتوثيق مراجعه الى حد كبير (غير كاف ايضا في بعض المواضع) والأهم أنه يناقش مساحة تاريخية مهمة لحياتنا المعاصرة يتغافل عنها الكثيرون


عيوب الكتاب أو متا بدا في نظري فلتات بسيطة لكنها مؤثرة مع حساسية الموضوع الذي يعتمد عليه الكتاب كان أغلبها ينبع من مصادره

فاولا الكتاب اعتمد على الاسلوب الصحفي البسيط. وهو اسلوب يثير اهتمام القارئ ويخفف عنه الروح العلمية الثقيلة التي تعوقه عن القراءة, ولكن في بعض المواضع في الكتاب غلب هذا الاسلوب على الاسلوب العلمي, حيث يهتم بنقل التفاصيل الصادمة والاخبار المفاجئة كحقيقة مسلمة وليس كقول منسوب لصاحبه
فالكتاب حاول اغلب الاوقات تجريد نفسه من الراي الشخصي لمؤلفه ولم يذكره الا في مواضع لا تذكر, لكنه نقل بعض الكتابات لمصادر تنتمي للمعارضة المنفية للدول الحالية أو لجواسيس الدولة البريطانية كما هي متضمنة بعض التعبيرات التي تنقل اراء اصحاب تلك المصادر النابضة أحيانا بالكراهية واحيانا بحب تضخيم الذات
فمثلا الحديث عن نوايا الهاشميين الطيبة يبدو ساذجا مع ما لهذه الاسرة العريقة من تاريخ طوييييييل في المؤامرات والتدليس والخيانات الخ وكون السعوديين غلبوهم على امرهم بمكر أشد لا يعني وصفهم بالطيبة أو السذاجة, لكن الكاتب لم ينقح هذا القول فبدا لغير المتأني أنه راي الكاتب الشخصي. الأمر نفسه في الحديث عن اشليخ زايد وشقيقه الحاكم السابق شخبوط يلتبس الأمر على القارئ بين رأي الكاتب الذي هو الاستنتاج العلمي المبني على كل ما يذكره الكاتب من وقائع وبين رأي شهود العيان الذين نقل عنهم الكاتب

بعض المواضع في الكتاب تنقل صورا خطيرة جدا تؤثر على صورة الحكام في دول الخليج بشدة, هذه المواضع ذات حساسية خاصة, وإن كان الاسلوب الصحفي للكاتب يجعله لا يضع المراجع المنقول عنها خلف كل موضع مباشرة حتى لا تضايق القارئ غير المتخصص (وهو امر اهنأه عليه) لكن في رايي الشخصي كان من الافضل وضع اشارة سردية لهذه المراجع في تلك المواضع شديدة الحساسية وتأكيد نسب القول لصاحبه وليس لصاحب الكتاب .

أخيرا بعض من المراجع التي اعتمد عليها الكتاب ذات قيمة شخصية اكثر منها رسمية, فهي مذكرات خاصة بعضها لعملاء المخابرات البريطانية وبعضهم كان يكتب هذه المذكرات تحت تأثير حب تعظيم الذات وتأثير العنصرية الكامنة المحتقرة للعرب وجزء آخر لجبهات معارضة منفية متأثرة بحقدها. الكتاب اعتمد كذلك على موسوعات تاريخية كثيرة لكن القارئ يشعر بتاثير المذكرات الشخصية مع غياب الوثائق الرسمية البريطانية التي كان يجب ان يكون لها مساحة اكبر في الكتاب بما تحتويه من اسرار وما تحمله من مصداقية عالية جدا

رغم تلك الفلتات التي على الأرجح كان سيتجاوز عنها أي قارئ لولا اصطدامها بمواقف حساسة للغاية فالكتاب مجهود رائع ومتميز وقراءة مفيدة جدا ورؤية لطرق عمل بريطانيا التي لا تختلف كثيرا عن عمل امريكا في عصرنا الحالي وهو ما يجعل للكتاب قيمة هامة

ليست هناك تعليقات: