الثلاثاء، 31 يناير 2012

كتب متميزة لكتاب جماعة التكية تنتظركم في معرض القاهرة للكتاب 2012

عدد هام من الكتب المتميزة نجدها في المعرض هذا العام. كتب اترقبها من مدة, اغلبها في دار اكتب وبعضها في دار ليلى لمجموعة من الكتاب الذين اقدر قلمهم  كثيرا

مع أهم الأعمال الفانتازية لعام 2011/2012 كتاب فانتازيا الثورة




الكتاب هو الاعمال الفائزة بمسابقة التكية لادب الفانتازيا ذو الصبغة المحلية الدورة الثانية والمسابقة سنوية لتشجيع الاقلام الجديدة والمواهب الشابة المحبة لادب الفانتازيا وتشجيع الهوية المحلية في هذا اللون الذي يغلب عليه التغريب. تنظمها جماعة التكية ويحكمها الناقد الكبير د-سيد البحراوي استاذ الادب العربي الحديث الرئيس الاسبق لقسم اللغة العربية في كلية آداب القاهرة
التيمة او المحور الذي تدور حوله الاعمال هو مفهوم الثورة بشكل عام. وان كانت الاعمال  الفائزة في مجملها ركزت على ثورة 25يناير تحديدا




ونظل مع الفانتازيا وكتاب صانع الهذب, هذه المجموعة التي تشرفت بالمشاركة في الاعداد لها ضمن مسابقة داخلية لاعضاء منتدى التكية ضمن موسم الفانتازيا المحلية الذي اعلن منذ العام الماضي, الكتاب يتصدرهع اعمال الكاتب المغرب الشاب عبد العزيز ابو الميراث القاص البارع والصديق الرائع





يتضمن الكتاب أعمال 6من الموهبين من عبد العزيز ابو الميراث ومؤمن وهدان وولاء نص ومصطفى اليماني
وقدم للكتاب د-احمد خشبة


وقبل أن نغادر الفانتازيا لا ننسى روايتي وملحمتي من حكايات الغول الأحمر الأخير تتوافر بإذن الله من بعد غد في جناح دار اكتب


التدوينتين السابقتين بهما تفاصيل عن الكتاب 




ثم نذهب لفانتازيا سياسية ذات طابع خاص, الطبعة الثانية من الرواية الناجحة زيوس يجب ان يموت للكاتب احمد الملواني كعدد اول لسلسلة فانتازيا البتكية ودار اكتب





ننتقل إلى عالم الرعب

ومع اعذريني ومخاوف أخرى المجموعة المتميزة التي جمعتني مع حسن الجندي وعلاء محمود وعبد العزيز ابو الميراث وشيماء السيوفي وعدد آخر من الاقلام التي بدأت تلمع وتثبت نفسها في هذا اللون الادب


مازالت المجموعة متوفرة في دار اكتب
 
 
 
ومع كاتبي الرعب الصاعدين بقوة حسن الجندي وعلاء محمود, يتقاسمان حفل توقيع يوم الجمعة القادم 3فبراير الساعة 4 عصرا لكتبهما في جناح دار  اكتب
الجزار والمرتد لحسن الجندي وخطوات ليلية لعلاء محمود


حفل توقيع يجمع عدد من كتابنا المتميزين 
 
 هناك خلف الظلام لولاء نصر, كتاب متميز يحاول جمع تراث الرعب المعاصر في المجتمع المصري, قصص واقعية من مختلف انحاء مصر, فاساطير الاشباح ليست حكرا على الغرب فقط هي لم تجد عندنا من يسجلها من قبل
 
 
 
 
ومع الخيال العلمي 

والكاتب الرائع أحمد فريد ومجموعته (رأيت الجنة) صراحة انا متشوق بشدة لرهذه المجموعة فاحمد يملك قلما فريدا, وهو واحد من كتاب الخيال العلمي النادرين الذين يكتبون خيالا علميا حقيقيا, يناقش الفكرة العلمية ذاتها حيث تكون محور الكتاب وليست مجرد اطار لفكرة اجتماعية ما. وهو يملك قلما بديعا ملفتا للانتباه  رغم حداثة سنة

رأيت الجنة من اصدارات دار ليلى



ومع رواية مشابهة لخط احمد فريد في مناقشة الفكرة العلمية ونتائجها على المجتمع برغم ان كاتبتها لها خط مختلف تماما رواية الأمة تلد لد-ايمان الدواخلي 
 د-ايمان تركز على الادب الاجتماعي كثيرا ولا تخرج هذه الرواية عن هذا الخط برغم مناقشتها لمسالة تاجير الارحام كقضية علمية اصبح لها وجود في عالمنا. الرواية تقتحم منطقة لم تعالج في الادب العربي رغم حضورها ورغم وجودها في التراث الديني (حيث تلد الامة ربتها من علامات الساعة)



الى جانب الامة تلد هناك مجموعة قصصية اجتماعية جمع تكسير ورواية اجتماعية:/ غادة

أخيرا مع سلسلة كوكتيل اكتب إنهم بيننا, لن اتحدث كثيرا عن الكتاب لانه اصلا ينفد من الاسواق فور نزوله


الجمعة، 27 يناير 2012

حكاية الأميرة سارة: من فصول روايتي من حكايات الغول الأحمر الأخير

فصل من روايتي من حكايات الغول الأحمر الأخير
تجدون الكتاب في جناح دار اكتب بمعرض الكتاب من يوم 1فبراير بإذن الله
عن الرواية:

http://www.facebook.com/notes/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%AE%D9%84%D9%8A/%D8%B9%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1/10150512958114667


الصفحة الرسمية للرواية
http://www.facebook.com/pages/%D9%85%D8%AD%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1/173523612701366
44 . حكاية الأميرة سارة
يقول عبد الشهيد ابن سمعان: قرأت ما كتبت الأميرة سارة فإذا بها تقول:
كنت ضائعة في قصري. مفقودة لا يبحث عني أحد, لا أعلم شيئا مما فيه ولا يدري بي أحدا ممن فيه.
كنت فتاة ولدت في قصر أمير. يا للتعاسة فهي لا تملك من الجمال شيئا تميل به قلوب الرجال. فكنت لوالدي الأمير الثري عدنان تجارة راكدة. لا أنا بالولد الذي يعينه أو بالجميلة التي يزوجها لحليف ينصره.
بين نساء القصر كنت ابنة الجارية. وكانت تلك الجارية ببصيرتها النافذة تحس بمصيبتي قبل أن أدركها لذا فعندما كنت أشكو لها عسري في القراءة تقسو عليّ وتقول "يا بنية. ليس لك سواه. يجب أن تكتبي وتقرأي وتتعلمي."
أرد والدموع مرة في فمي "لم يا أماه؟ أنت لا تقرأين وحتى مولاتي الأميرة فاطمة لا تقرأ."
كان علينا أن نخاطب زوجة أبي بمولاتي دوما سواء كنا عبيده أو أبناؤه من غيرها.
ترد أمي بحزم "يا ابنتي اعلمي قدرك. بين الأميرات أنت بنت الجارية وبين النساء قبيحة ولن تنالي من مال أبيك شيئا طالما كانت فاطمة وأبناؤها أحياء. لا أملك ما أحفظك به من الضياع إلا هذا. هم أهملوا العلم فعليك بغنيمته."
كانت أمي ترجو أن تراني خير من أقراني. لا أدري هل أملك من الذكاء نصيبا أم لا لكني حتما لا أطاول عقل فاطمة الجبار ومهما فعلت فسأظل في القصر مجرد فتاة. فتاة أدنى من إخوتها نسبا وجمالا.
تلك كانت قيودي وهذه كانت أمي تحاول أن ترفعها عني. كانت العبودية تحرقها فترغب في جعلي حرة. حرة من الجهل ومن ضعف الأنوثة. ومن الحاجة للئام لن ينصروني. فتنظر حولها بقلة حيلتها فلم تر إلا مؤدب الأمراء الذي لهت عنه أخواتي. وعصاه التي توصيه باستعمالها كلما أخطئت!
وهكذا طوال ما كان من حياتها القصيرة مضت طفولتي في قصر أبي. وقبل أن أغادر أطلال الطفولة أتى الهول يحرقها.
يزعمون أنه لولا الأهبال وزعيمهم المسمى بالهول وسيفه الذي كان يفتك بعشرة فرسان بضربة واحدة, لمضى ملك أبائي دهورا أخرى.
لكن هذا في علم الغيب.إذ أذكر من شظايا الطفولة تلك الكلمات عن أن الملك قد أصبح وحيدا لا يقيم ملكه إلا على حفنة الغيلان الحمر التي تجاهره بعدم الإخلاص وتعلن على رؤوس الأشهاد أنه يوم يأتي زعيمهم ليتبوأ العرش فلن يجد من يقف دونه لأن حتى الملك لا يملك إلا جماعة الغيلان الحمر.
عهد عجيب هذا الذي بين الملك وتلك الجماعة. يساعدوه على الحفاظ على ملكه على أن يأخذوه لأنفسهم حينما يريدون. لم أفهم في حمق الطفولة المغزى فقد كان الملك لنا مخلوقا مخيفا جبارا. كان قوة مهولة ترهب آباءنا. الأميرة فاطمة تفزعني لكنها تفزع من الملك!
أذكر حينما كنا نجتمع لوليمة كنا الأطفال نحتشد للهو لا فرق بين أمير وخادم أو بنت ملكة وبنت الجارية إلا الشهابي.
عندما ننظر له ونقترب منه لندعوه معنا ينهرنا آباؤنا ويقولون: إلا الشهابي. هذا ابن ولي العهد وسيرث الملك يوما.
لكن حينما تتابعت الخطوب ظهر أن هذا الملك العظيم ليس إلا رجلا عاجزا أحمقا استعان بأعدائه على إخوته علهم يؤخرون ساعته ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
كنت ألهو كعادتي في برج القصر أكسر في بعض من أطباق المطبخ! وأرمق زهور الحديقة البديعة أرنو للهو فيها إن سمحت لي مولاتي فاطمة.
متى كان الوقت؟ أظنه ساعة احتضار الشمس حيث كانت السماء تبكي وأظنها تبكي على النهار الصريع بينما البكاء العظيم يتأهب لغزوي.
سمعت صخبا وجلبة فنظرت من النافذة لأشاهد مشهدا بدا لي مخيفا.
أعداد كبيرة وحشود غاضبة تصيح بالمقت والبغض وهي تحاصر البيت.
لا أدري ماذا فعل أبي ليغضبهم. لم أفهم لم بدا لهم الكره فضيلة, فلم يكن عقلي ليستوعب مثل هذا الحقد الذي ولد من الظلم ليلد الظلمات.
وجدت هرجا ومرجا وسمعت ولولة وصراخا بينما العبيد والجواري يجرين في رعب لا أول له ولا آخر.
كان الناس قد نصحوا أبي بالهرب بنا لكن نفائسه لم تهن عليه وجواهره أثقلت قدمه. فأمر بالصمود وأرسل يطلب عون فرقة من الغيلان الحمر.
قالوا له. لن يصلوا اليوم أبدا وليس عندنا من طعام يكفي حصارا ولو لليلة.
فأمر بإطلاق كل الجواري والعبيد.
هكذا ببساطة طرد حيوات كثيرة لذئاب الموت الجائعة. دوما ما كانوا يتجاهلونني لكني لم أتصور أن ينتزعوا مني أمي ويلقونها خارجا.
ترى هل ظنهم الثوار جنودا يطلبونهم أم أن الحقد أعمى القلوب والأبصار فهاجت الفئوس والسيوف لا تطلب إلا اللحم الممزق.
وأمام عيناي الذاهلتين رأيت طوائف الجواري اللاتي عشت بينهن تؤكل صفا تلو الصف وأمي تصرخ بقلب بي معلق وعين على أخوتها دامعة ويد لنجدتها عاجزة.
لا أدري ما حدث. آخر ما أذكره مشهد أمي ترفع يديها فلا أدري ألتستعطف الظالمين أم لتتقي السيوف أم لتدعو رب المستضعفين.
وأفقت على نفسي أعدو خارج القصر, بل مبتعدة عنه. يغمرني العرق وتتقطع أنفاسي تعبا وفزعا.
أهربت أم حملتني الملائكة فوق الجموع؟ لعلها دعوة أمي الأخيرة أن أنجو وليس بين الله ودعوة المظلوم حجاب.
وجدتني في ساحة لا أعرفها فنظرت خلفي لأرى برج القصر الذي كان مثوى لعبي ومرعى طفولتي يحترق فقلت مذهولة "بيتي. بيتي يحترق. وابيتاه!"
فعرفني أحد المماليك فهتف بمن معه "تلك عدنانية فافتكوا بها."
تصلبت في مكاني لا أدري مهربا وربما لا أريده. لكنهم لم ينالوني أبدا.
كانوا جماعة من الغيلان الحمر استنقذوني من بينهم وأعملوا فيهم السيوف والرماح كأنما هي نار تحرق جنودا من أوراق.
قبلها كنت أكره الغيلان كثيرا. أصحاب الوجوه العابسة والأصوات الصاخبة الذين يخطفون الأطفال من أهلهم لا أدري لعلهم يأكلونهم!
لكن تلك الزمرة كان بقلوبهم شيء من السماحة, وبأحدهم من الشفقة ما يكفي لنجدتي قائلا لأصحابه "أرئيتم تلك الفتاة التعسة. قالت وابيبتاه وليس واقصراه. حزنت على السقف الذي ظللها بدلا من القصر الذي أمتعها."
رد آخر "دعك منها ولنمض."
فرد عليه "وبأي ذنب تقتل تلك البريئة التي لم تبلغ من العمر ما يحبس به الذنوب؟"
رد عليه زميله "ما ذنبها؟ إنها أميرة."
قال الأول "أميرة ؟ هي مجرد فتاة صغيرة لن ترث من الملك الذي ضاع شيئا يا إخوتي."
كان الغيلان ينادون بعضهم بعضا دوما بالإخوة لا أدري لم؟ حينما كنت أصغر سناً كنت أتسائل عن هذا الأب الذي أنجب وربى كل هؤلاء!
لكن أخوتهم الغامضة تلك قد احتضنتني بخير مما فعل أبناء أبي رحمهم الله.
مضوا بي متحيرون وأحدهم يقول وهو ينظر للقصور المنهوبة حولنا "ها قد ضاعت البلاد. واأسفاه! لو علم الغول الأعظم بنبأ تلك الفوضى! كم يكره التفلت فإذا به قد فاض على كل ما عداه."
رد عليه زميله "أتظن ذلك؟ قد كان من أكبر الساعين لهذه الفوضى. ألم يضعف شوكة الملك ثم أعانه على خصومه. اليوم إذ يغزونا الأهبال لم يجدوا من يردهم فضاع كل شيء ومعهم الغول الأعظم نفسه هو والقادة السبعة."
قال الأول "أتصدق تلك الأنباء؟ أحقاً قتله الأهبال؟ يزعمون أن كل إخواننا سيخرجون للثأر من الهول وجنوده."
تدخل شخص آخر في الحديث وهو يسأل بصوت يقطر سخرية "أي إخوان؟ الذين اسموا أنفسهم بالمولودين؟ قد اشتد عودهم وخروجهم حتى لأزعم أنه لم يعد في الغيلان غيرهم هم ومن وقع في حبائل مكرهم. إن هو إلا وقت يسير حتى يخرجوا عن نهج القادة السبعة ويمزقوا كتاب الشجاعة."
رد عليه بصرامة هذا الرجل ذو الشفقة الذي رأف لحالي "الغيلان واحد وان هم شقوا فلا تشق أنت عنهم. لو بقينا هنا فلن يهمنا من هذا الأمر شيئا لأن الهلاك حولنا. لنعقد أمرنا أولا ونعرف ماذا نحن بفاعلين."
رد عليه هذا الساخر "وهل بأيدينا غير أن نخرج الفتاة من الحاضرة وندفعها إلى عجوز فقير تنتفع بما عليها من جوهر وحرير وتنفعها بالمأكل والمأمن؟"
وهكذا مضينا نخرج من المدينة التي يحرق سوادها بعضه بعضا. وكل حين وآخر يبرز لنا جمعا من سفاكين أو نهابين أو من المماليك المتعطشين للدم لكنهم يفروا سريعا ما أن تظهر لهم دروع الغيلان الحمراء.
وعندما توغلنا في الليل انتحوا معي جانبا من أطلال قصر متهدم لم يبق فيه ما يسلب لكي ننال الراحة لكني ما نلت منها شيئا إذ انكمشت على نفسي في ركن حقير انتظر أمل الفجر بصبر نافد.
وأتت شعلة الفجر أخيرا. وعقب الصلاة مباشرة ارتحلنا فإذا بي أراه أمامنا.
كان مرتجفا باردا مترددا يقدم رجلا ويؤخر أخرى. ينظر برجاء للغيلان وبخوف لأسلحتهم. عرفته ولم يعرفني فهتفت عليه "يا شهابي. إلى هنا. هلم فسيحموننا."
نظر لي الغيلان مبهوتين وقال أحدهم "الشهابي؟ أتعنين ابن ولي العهد الأمير الشهابي؟ أنجا وسط كل ها؟ يا للعجب!"
التفوا حولنا يتداولون مصيرنا فقد كان أحدهم شديد الغضب وهو يقول "أخذ الشهابي معنا هو دعوة لقتلنا. إنه الموت لكل من يرافقه!"
رد ثاني "بل علينا إنقاذه."
-"تالله قد أصابك الخبال. إن رؤيته مع الغيلان أشد خطرا عليه وعلينا من رؤيته وحيداً. قد أنقذه الله حتى الآن فليس لنا من الأمر شيء."
- "بل ساقه الله إلينا لنحميه. لا نكون غيلانا حمراً. بل لا نكون رجالا إن تركنا الصبي يقتل. أنت غول لا تخشى شيئا ولا تهاب أحدا."
- "تبا لك ولشفقتك. ألم تسمع بأن لنا إخواننا قتلوا غلماناً لأن آباءهم ثاروا علينا؟ ليس من واجبات الغول أن يحمي طفل الهلاك هذا."
- "ليس من شأننا أن نتبع هؤلاء في جريرتهم. قد أقسمنا على حماية الملك وأهله لذا فقد أتانا يرجونا بقسمنا فما لنا أن نحنث فيه."
حسم هذا الأمر وإن لم ينهي بكاء الشهابي الذي سمعهم وهم يتناولون موته وحياته. لكن قلوبهم رقت له كما رقت لي. فإذا بهذا الغاضب يقول "غلام وفتاة. لعله تدبير من القدر."
وأخذوا يتداولون عن الجهة التي يذهبون بنا إليها فتكلم الصبي فورا "إلى ساوة."
نظروا له مستنكرين وقالوا "ساوة؟ المدينة وحصنها سقطت من زمن. أما الواحة فما شأنك بأهلها فهم لن يحموك."
قال "واحات ساوة لنا بها نسيب وعدنا بالمعونة ما أصابنا خطب."
ردوا "أمك رومية فأي نسيب هذا؟ ما سمعنا بأنسباء للملك في غير الحاضرة. وما بالك إن كان من الفلاحين."
قال باكيا "لا أعلم أحداً غيره. فلنذهب إلى ساوة. هو تاجر يدعى تيمور العلاف وقد تزوج أميرة فنزع عنها جدي الإمارة فقال له أن حق النسب مكفول لا يضيع."
قالوا محذرين وشبه مستهزئين "الطريق يا فتانا طويل والخطر متربص وسنمكث كل حين في مخابئنا أياما دون طعام أو شراب لا نتحرك وسط الصحراء حتى نصل آمنين. وبعدها سيتتبعونكما حتى هناك."
قال "ليس لي غيرها. لا أعلم أمراً آخر."
قالوا "هو غلام لا يعلم أمراً آخر. إن كان يسعى لهلاكه فهذا شأنه. هي ساوة إذاً."
وهكذا مضوا متململين متذمرين وقد بدت دروعهم الحمراء الثقيلة أثقل من الجبال في صهد الصحراء. ولم يكن الطريق باليسير لكنهم أحسنوا تفادي خطره فلم نلق حرباً أو قتالاً وإن كثر منا الفرار والتخفي. تنقلنا كثيرا بين القرى والواحات الصغيرة وحدنا عن الطريق أكثره حتى أتت إلينا ساوة.
وسبقتنا إليها أنباء مظلمة متتالية عما أصاب البلاد من فتن وحروب وخراب.
ووصلنا إلى ساوة لنجد حالها لا يختلف كثيرا فقد فجع تيمور العلاف في زوجته زهيرة لكنه رحب بنا وآوانا بين أهله لأعرف في حياتي السعادة الحقة.
وجدت ساوة واحة خضراء جميلة ذات حجم مهول بها آلاف النخل الذي يسقى من عشرات الآبار والعيون وفي شمالها أراض فسيحة تزرع شتاءا على المطر لتتحول إلى بساط أخضر بديع.
وهنا في ساوة عرفت معنى اللطف والكرم الذي جهلته بين أغنياء القصور. لا يعيرني أحد بأمي الجارية أو يقيدني أحدهم بأبي الأمير. وكان لي بين النساء شأن كبير. إذ كنت أجيد القراءة والكتابة وهو أمر نادر بين الرجال وفريد بين النساء. فإن رغبت امرأة فيمن يكتب لها أو يقرأ وما كان لها أن تدخل غريباً عليها فقد كانت ترسل لي وتنفحني تمرات شهيات أو قطع حلوى لا مثيل للذتها.
قبل أن يحنون علي قائلات "أميرة يتيمة مظلومة من نسل الخلفاء هاربة فقيرة. عجبا لشأنك."
فتعود لي ذكرى أمي فلا أمسك عيناي عن دمع ذكراها.
وكبرت بينهن لا أسمع إلا قولهن "سارة للشهابي وليس للشهابي غير سارة."
وهكذا أصبحنا. لم يكن لأحدنا غير رفيقه. هل أزعم أنني عشقته؟ لا أدري لكن ما كان بيننا أسمى من الحب وأقوى من الشهوة. كان بيننا الإخلاص لا يفتر والارتباط لا يفصم.

كنا كل شيء للآخر في هذه الحياة لأن كل شيء آخر قد فقدناه.
فكان زواجنا حتما مقضيا.
ورغم أننا قضينا هذا (الزواج) في لهو طفولة طالما حرم منه الشهابي فإن تأخر حملي لم يشغل بال أحد فقد كنت العروس الوحيد التي لا تنشغل الألسنة بنهشها لهذا الأمر. فسارة للشهابي وليس للشهابي غير سارة!
عشنا معا في رحلة واحدة ومكانتنا بين أهل الواحة تعلو. أصبح الشهابي محفظاً للقرآن لرجال الواحة فقد أجبره رجالها على هذا بعد أن أجبرهم نسائهم على إجباره على هذا لكي يحفظني وأصبح أنا قارئتهن محفظتهن أيضا!
إنها البذرة التي زرعتها أمي بين القصور قد أورقت لتظللني بين بيوت الواحة الطينية. فها أنا وزوجي حاملي لواء القرآن لألقى تبجيلا لم أر عبيدا يقدمونه للملوك.
لذا فحينما أتت الخطوب لم أتعجب إذ افتدونا بدمائهم.
كان حملي بالكاد ظهر حينما أتت قطع الليل المظلم بنذرها من الغيلان الحمر.
أولئك الغيلان الذين تركونا في ساوة عادوا فجأة بعد سنوات طوال متوجسين يطلبون لقاءي والشهابي
قال لي كبيرهم "أمسكوا بأحدنا. عذبوه عذابا رهيبا ليخبرهم عن كل إخوانه فلم يحتمل وأخبرهم بكل شيء يمكن أن يجعلهم يتركوه. أخبرهم عن أين يجدوا الشهابي الوريث الهارب!"
قلت فزعة "أخبرهم بنبئنا؟ أليس غولا أحمر. أما استطاع الصمت."
قال لي الشهابي "أوليس بشراً يا سارة."
صمتّ فأكمل الغول "أتانا إذ تركوه فرحين بالغنيمة. كان يحتضر من العذاب فقال لنا "رأيت حياتي كلها إفكا وشأننا نحن الغيلان غثاءا وزبداً يذهب جفاءا فما وجدت إذ أتاني ظلام الموت ضوءا غير طفلين استغاثا بي فأغثتهما. هلا أنجدتموهما؟ يا إخواني هلا أنقذتم لمحة الضوء الوحيدة في حياتي."
بكى الغول حينها فتعجبت لبكائه فقال الشهابي "أوليس بشرا يا سارة؟"
نظر لي الغول بعينه الصارمة الباكية وقال "هم آتون يطلبونكما. لو أمسكوكما فسينالكم القتل حتماً."
قال تيمور "سنفديهما بأرواحنا."
رد الغول "لو حشدت كل أهل الواحة وكل من بقى من الغيلان الحمر ما نفعكم هذا إلا بردهم مرة أو اثنتين ليرجعوا بحشود أكبر لا تبقي ولا تذر. ما لهما غير الفرار."
قال تيمور "إذن نسرع بإخراجهما إلى أي بلد."
رد الغول "الشهابي طلبة كبرى. لو فر الشهابي فسيحرثون الأرض بحثا عن وريث الملك. أرى أن سارة حبلى. فلتهرب هي بوليدها ويبقى الشهابي يشاغلهم عنها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا."
لم أقبل. أنا لا أعرف غيره أحداً. عالمي بأكمله لا يستند إلا على ركنين. الشهابي وأنا يستندان على تلكم الأرض الطيبة. وهذا الغريب يطلب مني هدمه بزعم النجاة.
أي نجاة تلك أيها الغول.
كلا يا رجال. لن يكون مصيري مضغة في أفواهكم فقد تجاوزت هذا العمر. هذه حياتي ومصيري أنا. لن أترككم تدمرونها.
لجئت لكل ما أعرفه من اعتراض وصراخ وغرقت في بكاء دموعه كنار تحرقني. إن كان عالمي يتصدع فلأذهب معه. ما قيمة هذه الحياة إذا؟ ما يبقيني فيها بعد ضياع كل ما أعرفه من حلوها؟ إما أن أخرج مع الشهابي أو أموت معه هنا.
ردوا علي بالحجة فرددت بالصراخ. حدثوني بالتعقل فقاطعتهم بالبكاء الحازم. وحين ألحوا لطمت وجهي حتى صمتوا.
وإذا بالشهابي يخرسني.
هي كلمة واحدة أعادت الإنصات لمعجمي,
"أحبك يا سارة."
جلست منهارة وقلت "وأنا لا أرى ............"
قاطعني مكملا "أحبك فأموت في سبيلك. إن مت معي لم أعلم سبباً غير الظلم الغاشم لتلك المقتلة. أما إن نجوت فقد علمت أنني افتديتك بدمي. لا تحرميني هذا الأمر."
بهت. واسودت الحياة بعد أن انطفأت نار الغضب وتبخر الإصرار ولم يبق إلا طاعة زوجي في آخر أمر له في هذه الحياة. ما عاد لعيشي سببا غير أن أنجو بوليدي وعسى الله أن يجمعنا في جنة رحمته بعد أن فرقتنا جحيم ظلم الإنسان.
خرجت في قافلة صغيرة تهرول خشية ذئاب تبغينا وتبطئ خشية حمل يثقلني.
أعطاني تيمور العلاف ورقة وأنا راحلة. وأمرني ألا يقرأها أحد غيري وأحرقها في عقبي بعيداً عن ساوة. ففضتتها عند الغروب وأنا أرى بين حمرة السماء حمرة نار في مكان ما بتلك الواحة التي ابتعدت تحاصر زوجي وتعتصر قلبي.
بين الدموع وجدت كلمات العلاف الذائبة تعزيني في مصابي الذي لا يعزى وتدعو لي بالتصبر بأخبار آلام الأنبياء موسى ونوح وأيوب وعيسى عليهم السلام. كلهم لاقوا ظلما أشد وعلى يد أقاربهم وأقوامهم. ثم أتاهم نصر الله في النهاية.
أخبرني أن أذهب لرجل من بني الأسود في شرق البلاد كان له يد بيضاء عليه يوماً, وقد سمع أن عم هذا الرجل قد أصبح شيخ شيوخ تلك القبائل القوية وهو داهية لا مثيل له لذا فهو مطمئن أنه سيحميني وييسر لي الرحيل خارج المملكة إلى طرابل حيث يصل بي إلى رجل يعرفه هناك.
أكرمني هذا الرجل من بني الأسود وأشفق عليّ إذ سمع نبأي. لم أخبره بأصلي واكتفيت بذكر أمر زوجي وهلاكه. أشفق على وليدي أن يلحق بأباه قبل أن يتنفس هواء الحياة فقال لي "حسناً يا أم اليتيم. سأضعك على سفينة راحلة إلى ميناء الزاهرة فلا تعلمي أحداً بأمرك أو مقصدك. وغيري من مسكنك بعد الأيام الأولى. وسأخذل عنك ما استطعت."
لكن أيام المطاردة انتهت بعدها. استقررت عند شيخ عجوز في قرية قريبة من تخوم طرابل إلا أن الحرب المتأججة بين مدينتي الصيادية والسور العلي طالتها بغارات مرتزقتها الفرنجة. فرحلت إذ كثرت الهجمات مع غيري من نسائها خشية السبي. ما كان لي أن أعيد سيرة أمي ليصبح وليدي القادم ابن جارية.
ذهبت لطرابل في آخر هروب فلجأت لشيخ مسجدها الكبير الذي أكرمني وآواني واستوصى بي خيرا.
وهناك في قلب بيته أتاني المخاض وأنجبت.
وهنا صمت عبد الشهيد ابن سمعان ولم يكمل ما كتبته الأميرة سارة بنت عدنان

عن : من حكايات الغول الأحمر الأخير




يقول عبد الشهيد ابن سمعان آخر الغيلان:
كنت منهكا أشعر كأنما مائة رجل اجتمعوا علىّ بمقارع من حديد يدقونني. ليس من السهل صعود جبل الضائعين ولا من اليسير النزول منه.

عبد الشهيد ابن سمعان الذي لم يكن الغول الأحمر الأخير  بغض النظر عن أنه لم يكن من الغيلان الحمر الذين ليسوا غيلانا يمضي في بعض حكاياته التي ليست حكايته وحده
**********************
الرواية فانتازيا تاريخية (بمعنى انها عن التاريخ الذي لم يكن) وليست فانتازيا كلاسيكية (عن مخلوقات وعوالم غير بشرية باستثناء بعد الاساطير الجانبية) ذات صبغة محلية قوية لم تصغ في الشكل التقليدي للرواية. لم تصغ كذلك بشكل (ما بعد حداثي) وإنما على العكس جاء بنائها بشكل عتيق معتمد على بناء (السيرة) في التراث الشعبي التي تعتمد على حكاية اساسية تتفرع منها قصص متتالية متعددة واشخاص وأبطال كثر في مواقع ربما تبدو غير مترابطة لكن يجمعها خيط واحد

الرواية اكتملت في نوفمبر 2007 وانتهى تنقيحها في ابريل 2008 ونشرت اولا في منتدى دار ليلى ومنتدى هاري بوتر العربي وتعثر نشرها الورقي لفترة بسبب كبر حجمها (300صفحة قطع وسط) حتى خرجت (او ستخرج قريبا بإذن الله) من دار اكتب خلال ايام
*************************
لقت الرواية اراءا مشجعة في مجملها اقتبس منها
للصديق محمد عبد القهار
الرواية مليئة بالأشخاص ذوي الأبعاد المختلفة فأكثر ما أعجبني هو التأرجح في الشخصيات بين الأبيض و الأسود ,بين الجبن و الشجاعة,بين التضحية و الأنانية.

صحيح أن الحوار في لغته لم يفرق بين فلاح و أمير أو بين عربي و فرنجي لكن إذا سلمنا أن الراوي هو عبدالشهيد بن سمعان فيمكننا أن نتغاضى عن هذا الأمر لوحدة الراوي.

عبدالشهيد: هو ببساطة أنا و أنت أو بالأحرى هو ما لا نجرؤ أن نكونه و نتمنى أن نكونه.هو ببساطة إنسان أيقن حقا أنه ليس لديه ما يخسره في هذه الدنيا.يتيم و حيد يعيش مكللا بعار أبيه أو كذا يظن اهل قريته.تسوقه القدار ليكون بطلا في الظلام لا يراه أحد يعيد أسطورة عرفها الناس و هابوها لكن بطريقته.ربما لو كان لديه شئ يخسره لكان التحدي أكبر.يذه إلى مهمة على مضض تأدية لواجب فرضه عليه شيخ البلد الذي يجافيه كما تفعل القرية كلها لكنه لم يكن أنه على أعتاب مغامرة ستكون الأكبر و الأخطر في تاريخ بلاده.

 ****************

تكلمت بحماس "وماذا يهم النجاح والفشل؟ لماذا لا أحاول؟ لو لم أفعل لقضيت حياتي نادما متألما محترقا. لو هلكت فلن تضايقني ذكرى الأقارب الذين أهلكهم الأسود! الله يحاسبنا على أعمالنا وليس على نجاحها أو فشلها. لن يقلقني ضميري بالفشل إن فعلت ما بوسعي ولن يهمد لنجاح أتى من هروب! السكون ينجيني لكنه لن يطفئ نار الثكلى, المقاومة عاجزة لكنها تبرد قلوب الموتورين."
ضحك ضحكة مجلجة قبيحة وقال "أنت ماكر أحمق! أتخاطب ثأري عسى أن أساعدك؟ أقول لك اسع لنفعك ودعك من هذا الشأن فتقول لي أن أرافقك في رحلة الهلاك؟ ولماذا؟ لأجل هذه البلد؟"



الرواية تقع في 69فصلا أصغرهم نصف صفحة وأكبرهم مقسم لأربعة فصول فرعية في حوالي 30صفحة
الرواية في اتجاهين. رواية اساسية متشعبة من التاريخ (الذي لم يكن) والاتجاه الثاني في قصص جانبية تمثل التراث والاساطير والمخاوف الخيالية لهذا البلد الوهمي الذي تقع فيه الاحداث
بالرغم من أن الرواية تدور أساسا حول دولة تعاني من فوضى ما بعد الثورة وتنازع الاحزاب فما بينها لكنها لم تتاثر باحداث (الربيع العربي) فقد بدأت فيها عام 2005 متأثرا أكثر بما وقع في العراق بعد الغزو الأمريكي . اغلب القراء الذين اطلعوا عليها صنفوا الأهبال على أنهم التتار. لكن في الحقيقة بهم جانب من أمريكا جورج بوش لا بأس به
تصدر الرواية في اول فبراير عن دار اكتب للنشر والتوزيع في كتاب من القطع الكبير حوالي 300صفحة اتمنى ان تحظى باعجابكم
*************************