الأحد، 11 ديسمبر 2011

يوم باين من أوله

اذهب لاودع رسميا بعد انفصال واقعي طويل هذه الدراسة التي احببتها ونجح هو ان يبغضني فيها ويثير ندمي على دخولها, لأجده (وانا المتفضل بالتنازل هذه المرة) مازال مصرا على عادته القديمة في لطعي اطول مدة ممكنة خارج المكتب!
أعود للعمل  لأجد أن مساعدي قد اتخذ نيابة عني قرارا ماليا رخم عدم ضخامته لكنه مؤثر على حساباتي الضيقة في هذه الفترة الحرجة, وحين استشطت غطبا يدافع عن نفسه (بأه لا يعرف ما المؤثر وما الغير مؤثر وهل توجد نقود أم لا) يا سلام! أصل سبب غضبي أنك تتخذ القرار وانت لا تعرف!!!
أعود للمنزل ليستقبلني هذه الابتسامة الشامتة!َ نفذوا ما في رؤوسهم فيما يتعلق بأخص خصوصياتي وملاذي الاخير المتهاوي (المفتوح عنوة لهم ع البحري)
رغم رفضي الصارم 3مرات ومعي شقيقي وتوضيحي لهم ان تائج ما فعلوه المرة اسلابقة قد اسائت اكثر مما افادت وانني واخي نقوم بالامر بالفعل حسب ترتيبننا
لكن لمستهم الذهبية السحرية لا يجب انكارها غصب عن عينينا! وفهمهم العميق للحقائق الكونية المتعلقة بكل ما يخص حياتي بلا استثناء يفوق حتما سذاجتي المشهورة واهمالي التام
ولذلك فالف طظ فيك يا عزيزي وعليك ان تبتهج بتكسير كلامك في اخص خصوصياتك والتدخل في شئونك (مع بقاء التحذير الاحمر بحظر التدخل في اي شأن متعلق بهم حتى لو كان عاما)
عليك ان تقبل بترحاب انجاز المهمة حسب ما يرون هم وليس حسب ما ترى انت ايها الجاهل المغرور
عليك ان تقبل كونك كوم نفيايات يلقون فيه ما يشاءون ويرتبون فيه وقتاما يريدون
وان تشكرهم على حسن نواياهم الطيبة بتقويم عقلك المعوج وحياتك الفاشلة حسب رؤاهم العبقرية الالمعية


الجمعة، 4 نوفمبر 2011

مساقط الموت (رواية قصيرة)


القصة التي شاركت بها في مسابقة فانتازيا الثورة, لم أفز لكن المشاركة كانت الاهم خصوصا وأنها أتت بعد فترة توقف طويل, القصة بها بعض التعجل وتسارع الاحداث زائد في نهايتها وعدم ارتباط شخصياتها ببعض يسبب للقارئ بلبلة ولا يخلق محور للتعاطف معها. كذلك بها الكثير من المباشرة ( وهو عيب قاس لدي) حيث أفيض في المقصود منها بجمل تقريرية طويلة. لست من البارعين في القصة والقصة القصيرة عموما, الرواية هي ملعبي الكبير حيث الكثير من التخطيط والبناء المرهق الذي يجعلني أتخلى عن المشروع في الاغلب! ـراجعت القصة وحاولت تحسينها قليلا بعد المسابقة لكن مازالت العيوب السابق ذكرها واضحة. رغم ذلك أتمنى أن تكمون ممتعة أو بها قدر من التأثير
مساقط الموت

اليوم الثامن عشر:
ابتسم 18 مرتبكا مبتعدا بوجهه عن أعين 7 الثاقبة وهمس:
"أيبدو لك مختلفا؟ أتظنهم وصلوا إليه؟"
"18! كيف تفكر في هذا؟ لو وصلوا إلى 7 لانتهى كل شيء بالفعل, هو يعرف أدق التفاصيل."
"ما أعنيه يا 6 أنهم وصلوا لوسيلة ضغط عليه. ربما كان واقعا تحت التهديد, إنه يفكر أكثر من اللازم! انظر له ولتردده؟ أتتصور أنه سألني عن إذا كان ما نفعله مناسب أم أن وقته قد فات!"
"ماذا؟ لقد كان هو صاحب الفكرة في الأساس! أيمزح أم ماذا؟"
"6, أنت الوحيد الأعلى منه رتبة وأقربنا إليه, أنا قلق للغاية فدور 7مهم وأساسي في حركتنا, لو تراجع فسينهي كل شيء ويضيع مجهود 10سنوات وربما أكثر! ربما نضيع نحن أنفسنا وتضيع فرصة التغيير للأبد معنا."
لم يكن الأمر سهلا, فسبعة واحد من القدماء وهو الأكثر حزما وهيبة, الأعضاء القدامى لهم نفوذ يفوق من هم أعلى منهم رتبة. حتى رقم 1 لا يجرؤ على مواجهة 7 حين يختلف معه في الرأي بل يكتفي بأن يحيل أمره للجنة صفر (التي يمثل 7 عضوية أساسية فيها بصفته أقدم الأعضاء الأحياء) أو يوسط 6 للحديث معه.
لكن ما كان على المحك أمر جلل, إنه اليوم الذي بدأت من أجله الحركة الأولية منذ 80 عاما. يوم التغيير.
لم يكن هناك خيار, لابد من مواجهة 7 ومعرفة ما بذهنه, ولأنه يدرك أن الجميع من 1 الى 5 سيعيد الأمر إليه لأنه الأقرب ل7 فلا مفر من أن يقوم هو بالمهمة.
تقدم في وجل, وهو يتأمل متعجبا هذه الملامح الشابة الصارمة التي لا يصدق من يراها أنها تبلغ من العمر أكثر من مائة عام. إن القدماء لهم أسرار غريبة في الحفاظ على الشباب رغم أعمارهم العتيقة.
"ماذا هناك يا سيد 6؟ أتوجد مشكلة؟"
يحرص 7 على التراتبية العسكرية الصارمة للحركة, لا يبدأ حديثه مع من هو أعلى منه رتبة إلا بلقب السيد ولابد أن يؤدي التحية العسكرية. لكنه لم يفعل هذا هذه المرة, لا بد أنه مشغول البال بالفعل.
"7, أنت من أقرب أصدقائي ومن أهم أركان الحركة الأولية, ناهيك عن كونك من القدماء, بالطبع ما يشغلك يشغلني."
"آهه, لا تقلق يا عزيزي, هناك هذا الأمر الذي شاهدته أمس وأثار ذهني قليلا."
كانت حجة كافية من أي شخص, فالمشاهد المفزعة في كل مكان حولهم وهي السبب فيما يفعلونه أصلا, لكن 7 من القدماء وهم لا يتأثرون بسهولة
"ماذا شاهدت ليسبب لك كل هذه البلبلة يا عزيزي؟"
بدا التردد على وجه 7 قليلا ثم نظر في وجه 6 كأنما يقرأ أفكاره ليستشف منها شكوكه ومخاوفه. ثم تنهد وقال "أعلم أن الوقت لا يحتمل ريبة, يجب أن أصارحكم بأقل شيء لكن المشكلة أني خشيت رد الفعل."
"أي رد فعل تعني؟ لم كل هذا؟"
كان قلق 6 تضاعف بالفعل وبدأ ذهنه يعد خططا لمراقبة 7 واحتواء أي أزمة تؤثر على استعدادهم وهو ما سيكون صعبا لأن 7 متورط في كل شيء تقريبا.
لكن الأخير تكلم في النهاية "أمس وأنا عائد من مهمة القنبوري شاهدت ... شاهدت علامة."
لم يفهم 6 الامر في البداية فتسائل "علامة؟ علامة على ماذا؟"
"أنت تعرف, حسنا, العلامات كما يقولون, علامة من العلامات...."
قاطعته ضحكة 6 المدوية "علامة! تعني علامة من علامات الاضمحلال؟ يا رجل دع عنك! أتؤمن بهذه الخرافات؟ إنهم يرون مائة منها كل يوم!"
هز 7 رأسه بضيق وهو يقول "هذا هو رد الفعل الساخر الذي كنت أخشاه!"
أحس 6 بالحرج الذي لم يقلل من ارتياحه فاعتذر بقوله "آسف يا صديقي, لكن هذه الخرافات يجب ألا تشغل بالنا. خاصة واحد من القدماء مثلك وفي توقيت حرج كهذا."
مط 7 شفتيه وقال "هم يرون 100 علامة كل يوم يا 6, لكن هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أراها, فالتمس لي العذر."
هز 6 كتفيه بعدم اكتراث قائلا " طوال عمرنا نراها ونفسرها تفسيرها العلمي الحقيقي ولا ننسبها لمؤامرة تنبؤية عمرها الف عام!"
هز 7 قدمه في عصبية شديدة وبدا انه يجاهد ليجبر نفسه على الصمت لكن 6 استمر في حديثه المستخف "انفلاق الاوراق مثلا, أمر عادي في ظل التلوث الذي دمر كل شيء, اسوداد الشمس ظاهرة فلكية تحدث كل 526 عام والدم في مياه الآبار هو نتيجة التلوث بأكسيد ال...."
قاطعه 7 منفجرا " أمس في حي الرابقة وعند مسقط الموت رأيته بأم عيني يا 6, رأيت القائد!"
ولم يعد هناك المزيد ليقال.

**********
اليوم الأول:
بالطبع فإن الجلسات الملكية ليست بالشيء المحبب للمراقبين, ولم يشذ يوسف-321 عن القاعدة, بل كان أبرع زملائه في انتحال الحجج للإفلات من الجلسات أو سرعة مغادرتها. في الأيام الهامة التي يكون فيها الحضور إجباريا على جميع الموظفين فإنه يصل متأخرا بعد انتهاء تلاوة التقارير المملة وانصراف أغلب القدماء. ويتحمل خصم التأخير من المرتب أهون من عبء الجلوس في حضرة القدماء وهو الأمر الذي يسبب له قشعريرة غريبة يفسرها بأنه نوع من الحساسية ضد شيء ما في رقيتهم.
لكن اليوم مختلف, اليوم ربما كان أهم يوم في حياة يوسف 321 البسيطة, ما حدث أمس جعل قلبه ينتفض وجعل هناك أمرا مختلفا في حضور تلك الجلسة الروتينية التي يجتمع فيها المجلس الحاكم مع كل موظفي الحكومة للاستماع لتقاريرهم الشهرية. اليوم حان الوقت ليستمعوا له.
كان أمرا غريبا أن يراه الحراس يأتي مبكرا, بدت الدهشة واضحة على وجوه العمال حين رأوا موظف مراقب يتخذ مكانا قرب المنابر. المراقبين هم ببساطة الموظفين الذين بلا عمل, لا حق لهم في قرار ولا ترقية ولا حديث. فقط يحضرون ويتلون بيانات مطولة من كتاب الرقية على الجمهور أو يتولون متابعة ورقة تائهة هنا أوهناك, أحيانا حين تكون هناك حملة كبرى أو إحصاء قومي يتولون بعض المهام. لكن في الأرجح فإن جل ما يفعلونه هو أن يحذفوا أسمائهم من خانة العاطلين مقابل قروشا لا تسمن ولا تغني من جوع.
كان يوسف 321 متوترا, القرار في داخله كان هائلا للغاية, لم يكن يستطيع تجاهل ما رآه أمس في مسقط الموت. الأمر أقوى منه بمراحل, لكن الخوف القديم الذي يبلغ من العمر مائتي عام ليس من اليسير إذابته أو تجاهله.
هل يفعلها؟ هل ينهض ويتكلم؟ كان قراره مائة بالمائة أن يفعل, حين اندفع في حماس مستبقا زحام المرور الخانق مضحيا بحلقة مسلسل الجماهير, ليأخذ هذا الكرسي الأمامي قرب المنبر. لكنه أصبح كرسيا من دبابيس يحضه على الصمت, أحس أن هذين المسندين المعدنيين سينطلقان نحو فمه ويخرسانه! لم يشعر بهذا الرعب في حياته!

بدأت الأعداد تتزايد, لم يعرف يوسف 321 أن الأمر هذا العام مختلف, الحركة الأولية نشطت كثيرا وسببت الكثير من المشاكل وهناك أحاديث هامسة عن عملية ضخمة يستعدون لها قريبا. القدماء يستجوبون المديرين عن كل همسة, الأهم هو أن استدعاء المستنصتين لنقل أحاديث الصارخات أصبح بندا ثابتا في بداية أعمال الجلسة الملكية ومع كل ما تفضحه الصارخات من أسرار كثير منها مسلي وعجيب فإن الجلسات أصبحت أكثر تشويقا للكثيرين.
أخذ يوسف 321 يعيد التفكير فيما رآه أمس, كان يشد من أزر نفسه ويأخذ أنفاسا عميقة ويحبسها حتى يكاد ينفجر فلا يطلقها إلا حين الاختناق, كانت مخاطرة أن ينتبه أحد لقيامه بواحد من تدريبات التنفس المحظورة لكن لو استجمع شجاعته وتكلم فسيكون القانون 1508 لحظر المجاذيب هو اهون مشاكله.
كالعادة بدأت الجلسة بسرد ما هو محفوظ ومعاد من تاريخ, ما حدث ذات يوم من وقوف جماعة من الشباب الشجعان في وجه ظلم المجاذيب وخرافاتهم التي سيطرت على المملكة وأغرقتها في حال من الهوان وصل لدرجة أن أصبحت شئونه تدار بأمر أتفه موظف أجنبي! الحديث عن يوم مجد يتيم حدث منذ مائة عام أنهى نظام الحكم القديم وأعوانه من المجاذيب الذين غيبوا عقول الناس وكوفئوا من ورائه بالارتقاء! وبينما يستمع يوسف 321 لأناشيد التمجيد في هذا الحدث العظيم يتوارد لذهنه ما كانت جدته تحكيه له وهو طفل أن الارتقاء إنما كان لعنة! الفخر الذي يباهي به القدماء أهل الوطن أنهم كوفئوا لوقوفهم في وجه الظالمين والمجاذيب بأنهم لا يشيخون ولا يمرضون ويعمرون إن لم يقتلوا لآخر الزمان إنما كان من وجهة نظر جدته الساذجة الأمية لعنة أصابت الأمة بدعوة من قائد المجاذيب الشيخ الصافي, الرجل المسكين الذي أعدموه ظلما بغير ذنب غير تهمة أنه متخلف فدعا على كل من لم يقف ليدافع عنه بأن يعيش في حكم من ظلموه للأبد! مسكينة جدته, أفضت بهمها للصارخات ذات يوم فأتى المستنصتين لبيتها يسحلونها حتى دار القضاء لتموت من الخوف في الطريق.

كلام تلو الكلام! تمجيد في عظمة القدماء وحكمتهم التي جمعوها في عقود عمرهم الطويل, الفضل الذي أتى على البلاد من قيادتهم الحكيمة لكل الوظائف حتى المعارضة وقيادة التمرد, كان يوسف يحس باختناق غريب منهم, كلما رأى واحدا من القدماء أحس بنبضه يتسارع ونفسه يضيق وجلده يقشعر, حساسية غريبة لا يجرؤ أن يفضي لأحد بسرها. هم في كل مكان, لو ذهبت إلى متجر كبير فمديره من القدماء, لو تطوعت في الجيش فلن تترقى لتصبح قائدا لأن القادة كلهم من القدماء, لو انضممت لحزب معارض فانتظر أن يقوم الملك بإعدام احد قادته من القدماء ليخلو لك منصب أمين قرية! المكان الوحيد الذي يمكن للبشر العاديين فيه الترقي هو الحركة الأولية, أولئك المنشقون الذين قالوا أن علينا أن نرجع لأسباب الحركة الثورية الأولى التي تخلى عنها القدماء بعد أن أصبحوا وزراء ومستشارين للملوك. ثمانون عاما يحاربون في صمت خجول الملك يريدون خلعه بينما زملاؤهم القدامى يقمعونهم بتهذيب.
انقطع تسلسل الأفكار الساخطة بهمهات علت في أطراف القاعة, حان وقت النميمة! لا يوجد في مملكة العلامات سوى أمرين فقط يهونان الحياة: مشاهدة مسلسل الجماهير والاستماع لنميمة الصارخات!
لا يعرف أحد على وجه الدقة كم يبلغ عمر الصارخات, هن قديمات قدم الدهر, الأحاديث عن وجودهن يرجع لعصور جد بعيدة, الحذر الحذر فإن للجدران آذان! هكذا تعلم كل طفل منذ عهد السلطان مرموط أول من استطاع أن يكتشف الصارخات ساكنات الجدران ويحدثهن ليكشفن له الأسرار. منذ متى كن موجودات قبلها لا أحد يعرف! بعد الارتقاء بأعوام قليلة أصبح لفئة من القدماء عرفوا بالمستنصتين القدرة على استجواب الصارخات, والصفقة بسيطة, أنت تفشي لها سرا فتفشي لك اسرارا, فقط حاذر أن تكذب عليها وإلا فستكذب عنك وتلفق لك أمام الآخرين ما لا تطيق!
بدأت الجدران تهتز وتسود, الصارخات يكشفن عن أنفسهن, يستعددن للهمسات اللاهثة الكاشفة, لحديث النميمة الطويل, لا يوجد من هو في مأمن من الصارخات! فحيثما تداري سرك يوجد جدار قد يكون مسكونا!
في الماضي كان السماع للصارخات لذة لدى يوسف 321, لم يحملهن سبب هلاك جدته فهن يفعلن ما يعرفه الجميع عنهن, هو خطأك أنت أن تدلي بسرك للجدران كعادة العجائو قبل ظهور المستنصتين. لا تلومن إلا نفسك حين يأتون لبيتك يحاسبوك على حماقتك!
لكن اليوم مختلف! لو علمت الصارخات بما يكتمه اليوم في صدره لانفجرن صريخا ربما دون مقابل من الاسرار! لكنه سيمحقهن ويبهتهتن. سيفضي هو بالأمر عاليا مكشوفا, بالصوت العلانية الذي لا تقدر الصارخات على سماعه!
بدأ المستنصتين همسهم, أسرار قذرة من قلب ظلمات البيوت ومن اعترافات المسجونين, نميمة حول من يرتدي نعلا بشكل قرد ومن يمتلك لباسا داخليا ممزقا لا يريد تغييره لأنه غير مكشوف! وترد الصارخات كاشفات همسات كثيرة, بعضها مضحك كحديث مقاهي الحشيش وبعضها محزن كأنباء الجرائم والقتل.
لكن الكنز الثمين للمستنصتين هو أحاديث السياسة, ما أن تبدأ صارخة في حديث عن المتكلمين في السياسة حتى يلقمها مستنصتها سرا عن تلك الممثلة الحسناء في مسلسل الجماهير! وهنا أفضت وتوسعت الصارخة في أخبار من يشكون ضيق الحال ويكفرون حين لا يرضون بالقضاء المحتوم متحدثين عن سوء الإدارة وتجمد الأحوال, تفيض له بأخبار مملة لا تهم المستمعين عن جرائم في حق البلاد, ربما بعض الغاضبين يستمعون لنبأ عن رشوة هذا الموظف أو إهمال هذا المدير فيهتفون طالبين المحاكمة ليؤخذ من وسط الجموع ويقاد إلى دار القضاء حيث يختفي للأبد وينتهي العرض الممتع باحتفالية التطهير هاتفين أن: الثورة مازالت مستمرة تطارد كل فساد وتحارب ذيول المجاذيب. ويتحدث الملك مخاطبا الجموع عن استمرار العمل المكافح لرعاية الشعب ومراعاة المساكين, وكالعادة يعلن عن التصدق بمبلغ كذا لكل فقير في البلد.

عرض يتكرر كثيرا لكنه كان جديدا ليوسف 321 الذي لا يحتمل البقاء في مكان واحد مع القدماء.لم يحضر من قبل مثل هذه العروض ولم يجرب ما يسميه زميله ماجد 103 بالسكينة.
وأحس اليوم أنه كالمسكن لألم أحرق قلبه, بالفعل كان يشعر بتنفيس لغضبه وأن رغبته في الحديث قد خفتت بعض الشيء. لكنه تذكر ما رآه بالأمس في مسقط الموت فاشتعل قلبه ثانية. سيموت إن تحدث لكن إن لم يفعل فسيكون الأمر أسوأ. سيكون كأن لم يكن!
"أبناء أمتي وأعدادها الحاشدة, رقم منكم سيتحدث وعدد منكم سيرد, من له بسؤال يحاسب به ملكه؟"
هكذا فتح الحديث الأخير في أي جلسة, حين يأتي المواطنون العاديون لمحاسبة الملك ومنحه الثقة. لكن لم تكن مشكلة يوسف 321 مع الملك.
رفعوا أياديهم وعين الصقر ترصدهم وترتبهم أبجديا حسب الاسماء والأرقام تنطلق أفراخ الصقر الملكي تنفذ ما يأمره بها أبوها لتقف بالترتيب حيث الأول فوق إبراهيم 11 والأخير فوق يوسف 380 ولكن من بين الجموع ودون انتظار الدور قفز يوسف 321مزيحا الصقر الملكي من فوق المنبر. لم ينتظر الإذن بالحديث لكن الصقر بسرعة بديهته استوعب هذا الحدث الغير مسبوق وسرعان ما تألق بأضواء على حروف (المواطن 1865431/يوسف 321 متحدث رقم 1من 251) وبينما انشغل المواطنون بنفض ريش أفراخ الصقر التي تصادمت وهي تهرع لإعادة الترتيب فوق رؤوس طالبي الحديث
همس يوسف: سأدلي إليكم بسر أكتمه في قلبي منذ ولدت"
لمعت الصارخات بنهم, تريد أن تلتهم وجبة جديدة من الأسرار المدفونة, لمح الناس بريقها فانتبهوا يريدون أن يسمعوا ما سترد به الصارخات على سر المواطن.

مد يوسف 321 يده مشيرا نحو الصقر الملكي وصرخ بصوت عالي يحمل ما كبتته السنون:
"هذا هو أنا, مجرد المواطن رقم 321 الذي حمل الاسم يوسف, طوال عمري أتساءل لم أنا يوسف 321 ولست يوسف؟ لما أنا نصف إنسان ونصف  رقم, أمس ذهبت إلى مسقط الموت, أتذكرونه؟ هناك أنظر لمن لا أعرفهم يموتون ولكن كنت أبحث عن بقية ال320 يوسف الذين ولدوا قبلي من يميزني عنهم ومن يميزهم عني؟ رأيتهم يموتون ميتات مختلفة لكن لا فرق! كلهم يعيشون يأكلون يذهبون لنفس العمل ثم يعودون منه ليموتوا كما ولدوا مجرد أرقام! سأموت مثلهم مجرد رقم ينتقل من خانة الأحياء إلى خانة ألأموات! أنا هنا لم آت لمحاسبة الملك وإنما لمحاسبة القدماء الذين حولونا لأرقام, حيث هم فقط من يديرون ومن يفكرون بينما نحن أرقام جامدة تمشي حيث يريدون. أتعلمون ما شكواي؟ أريد أن أفكر بغير ما كانوا يفكرون منذ مائة عام! أريد أن أعمل غير ما أعمل فيه من الميلاد حتى الموت! أريد أن أكون! أن أكون يوسف لا يوسف رقم 321. لا أريد أن أرى قديما يستمر في ثورة عمرها مائة عام ليقتل كل حياة بعده! تبا للترقي فأنا أريد أن أترقى!"
بعض الجهلاء لم يستمعوا لحرف مما قاله إنما كانوا ينتظرون رد الصارخات عليه فوجدوا بريقهن يخفت, لم يكن هناك شيء يقتل الصارخات ويصم المستنصتين قدر أن يعلن إنسان عما يعرفه الجميع ويكتمونه.
من نافلة القول أن يوسف 321 لم يعد له وجود في السجلات.
*******************
اليوم العاشر:
لم يكن جودة215 أبدا من الشباب الذي يسعى وراء الموضة والتقاليع, هو شاب هادئ دوما مطيع لوالديه لا يشغل باله الكثير في الحياة التي لا يتوقع منها الكثير.
لكنه كان (ككثير من الشباب المنغلق على نفسه) متعلق بأفكار الموت وما بعد الموت, لذا فتقليعة (سينما الموت) نجحت في جذبه مع غيره من الشباب.
كيف بدأت هذه الفكرة المجنونة لا يعرف, يزعم البعض أن أحدهم تحدث عنها في مجلس ملكي الشهر الماضي, بحث في السجلات عن هذا الأمر فلم يجد ذكرا لكن بعض الخبثاء تحدثوا عن هجوم على القدماء وموت بعض الصارخات وغيرها من أخبار النميمة السياسية المملة والمخيفة.
لكن لا يهم من صاحب الفكرة, المهم فيها هو نقاؤها! أن تذهب في حفلات جماعية مع أقرانك وسط الظلام في مكان لا تستطيع الصارخات أن ترصدك وتفضحك لوالديك أو للمستنصتين كي تشاهد موت أقرانك, من يحملون نفس اسمك يموتون أو ماتوا أو كيف سيموتوا! تجلس لتشاهد غير ما يشاهده زميلك المجاور لك إن لم يحمل نفس اسمك. تنظر للحظات الأخيرة وكيف لم يعرف ما هو مقبل عليه, تنظر للحظات عنيفة لجودة عاش منذ مائة عام ووقف في وجه الظلم حتى دهسه وجودة آخر باع أهله لأجل المال فمات مختنقا بلقمة دسمة! وجودة ثالث عاش مثلما مات لم يراه سواه جودة جالس في سينما الموت!
ولأن الفضول كالنار كلما ألقمتها ازدادت جوعا فقد أخذ جودة وزملائه يبحثون عن مسقط الموت هذا, اخرجوا كتبا قديمة من التي نبذها التاريخ ليقرأوا عنها.
"مساقط الموت من الظواهر الغريبة في مملكة العلامات, لكن لا غريب يبقى غريبا حين يدوم! حين ظهر أول مسقط للموت في جنوب البلاد ذهب له الحجاج ألوفا والتف حوله المجاذيب يقيمون الموالد ويذبحون الذبائح ويعدون الحضرات دون أن يسبروا غوره, كل من ينظر فيه يرى أناسا لا يعرفهم إما ماتوا أو يموتوا أو سيموتون! لا يمكنك أبدا أن ترى شخصا تعرفه في مسقط الموت. لذا لا يظهر فيها الملوك والمشاهير والأشخاص المهمين أبدا. هو لا يحتفي إلا بموت البسطاء كما وصفه الشيخ الصافي آخر قائد للمجاذيب. ثم ظهرت ثلاثة مساقط أخرى في كل ركن من أركان البلاد, اختفت هذه المساقط بعد الثورة إذ ردمها القدماء بعد الارتقاء."

فتن جودة215 كثيرا بفكرة: أنها لا تمجد إلا البسطاء. الاحتفاء بموت المواطن العادي الذي يمر عليه الجميع مرور الكرام! لكن إذا كان القدماء هدموها بعد الارتقاء فمن أين ظهر هذا المسقط الذي يلتف حوله الشباب بالساعات حتى الفجر؟

زميل كان ينقل حديث جده الخافت: لم يحب القدماء مساقط الموت لأمرين أولهما أنها لا تأت إلا بالموت بينما هم يعيشون أبدا. وثانيهما أن نبوءة الاضمحلال تحدثت عن علامات تسبقه, أهمها أن يرى الناس في مسقط الموت ميلادا! ميلاد لقائد مجاذيب جديد سيفنيهم. لكنهم رأوا فيها نفعا حين ظهر المسقط الخامس في حي الراقبة وسط العاصمة, لم يردم لأن الناس لاحظت أن الصارخات لا تقرب منه أبدا لذا كان نافعا لاجتماع كل من يريدون أن يتبادلوا سرا ولأن الأهالي قد نسوا أمر المساقط بعد ظهور التلفزيون وبدء مسلسل الجماهير. أصبحت مساقط الموت موقع كل الاتفاقات السرية بين الحركة الأولية والحكومة!

هكذا جمع الناس أقاصيص وخرافات عن مساقط الموت, كانت تسليتهم في الثرثرة أثناء انتظار دورهم للجلوس في سينما الموت, ولكن الانتظار يطول كل مرة بينما الليل قصير كما هو.

كان جودة 215 شابا هادئا حكيما كارها للشجار ويحاول أن يصلح بين الناس دوما, لذا كان هو من أتى بهذا الحل المباغت عندما تزايدت أعداد الشباب والشجار بينهم حول من يجلس أقرب للمسقط؟ أتى بجاروف وحفر حتى وسع المسقط لينظر فيه الجميع.
ثم أتى يوم زاد فيه الزحام ففكر ونظر في التربة محاولا استعادة ما كان يقصه له جده عن فن حفر الآبار, بدا له أن ما يجري في مسقط الموت هو ماء ما (يزعم المجاذيب أنه نهر الحياة) فإذا يمكن أن يحفر ليصنع مسقطا صغيرا إلى جوار المسقط الكبير.
درس الأبعاد وانسياب الأرض وأتى إلى مكان مظلل أسفل شجرة محتضرة وأزاح العفن المتراكم وقمامة الصارخات القديمة وحفر ثم حفر ثم حفر. كلما حفر اشتم رائحة غريبة حبيسة تجاهد لتغطي على العفن, وصل إلى أرض سوداء تموج ذكرته رغم لونها بالدم. ضرب ضربة أخرى فانبجس مسقط موت جديد, لم يدرك أنه أول مسقط موت يصنعه الإنسان في التاريخ فقد كان تاريخه قد قارب نهايته.
*************
اليوم السادس عشر

كان أول من أحس مؤلفي المسلسلات, مشاهدة مسلسل الجماهير أصبحت أقل بينما بقية المسلسلات لم تزد, وهنا تحركوا وأرسلوا إلى المستنصتين ليبحثوا في الأمر, لكن أنباء ما حدث وصلت إلى جبهة الجهلاء, ولأن الأمر يدخل في صميم اختصاصهم ولأن الصارخات لا تقرب مساقط الموت فقد عرفوا بالأمر وهاجوا وماجوا وخرجوا في الشوارع يحذرون وفي التلفزيون ينددون!
ألهذه الدرجة من الإفك وفساد الأخلاق انحدر شبابنا؟ أضاعت الهيبة والاحترام من قلوبهم؟ النزول لدرك مساقط الموت حيث كان يعيش المجاذيب!
اجتمع الجهلاء هائجون, حملوا القفف والمعاول وأقسموا ليحطمن هذا الصنم. نزل التلفزيون ليغطي الحدث الكبير, وقطع بث مسلسل الجماهير خصيصا ليرى انتصار الثورة الجديد ضد قوى الاضمحلال المتربصة.
أتوا في شغب ووسط النهار. أهالوا التراب وعفروا البيوت واقتلعوا الأشجار ليسدوا المسقط. وحين غطوه تماما عادوا لبيوتهم آمنين.
لكن في الليل اجتمع حفنة من شباب حول جودة 215. أخذوا ينظرون في وجل لهذا المسقط الصغير الذي حفره. فإذا بصوت الصارخات يعلو والمستنصتين يأتون من كل حين! تعثر جودة215 في الأرض فدفعه أحد المستنصتين بقدمه ليسقط في مسقط الموت وأهال الجهلاء عليه التراب.
*********************************

اليوم العشرون:
كان الأمر مقلقا. الكل ينظر حوله ويرتعب, السؤال يدور في ألسنة الكل ولا يجرؤون على إعلانه.
قيل أن أول من رآه كان رقم 7. وهو قديم كبير ذو مكانة جليلة انشق والتحق بالحركة الأولية.
بعد أن سحق الجهلاء كل جمع من الشباب أراد تأبين جودة215 وقبض المستنصتين على الكثير منهم أصبح الباب مفتوحا للحركة الأولية كي تتحرك وتقوم بما أرادت به دوما: خلع الملك وإنشاء حكما ثوريا يستلهم الارتقاء. لم يعد هناك كثير من شباب يمكن أن يجندهم الملك في جيشه, فأخذ الحركيون يذهبون هنا وهناك بأمر من 7. ولكنه عاد يوما شاحبا يقول أنه رأى في مسقط الموت ميلادا!
أخذت الناس تمر تلقي النظرة وتفر قبل أن يترصدها المستنصتون. بالفعل فالتراب المكوم فوق مسقط الموت يبدو كما لو كان قد تشكل في شكل طفل يولد! أهو القائد؟ أأتى الاضمحلال! حيث يفنى كل شيء وتضيع البلاد وتتحطم؟
رصفوا الشارع بأكمله كي يذهبوا هذه الكومة لكن البلدوزر انكسر حين اصطدم بشجرة قديمة يانعة مورقة. شجرة مذكور في الخرائط أنها متعفنة ميتة لكن البلدوزر حين أتى ليزيلها ضمن ما يزيل انكسر أمام أغصان قوية نبتت فيها!
كيف يكون الاضمحلال والموت ينقلب ميلادا!
*************************************
اليوم الثامن والعشرون:
الأسرار لم تعد تأتي من البيوت, صمّت آذان الحوائط. والفكرة مجنونة, أيكون الناس يحفرون داخل بيوتهم مساقط للموت؟
قيلت الكلمة فدارت بذعر بين القلوب. هجم المستنصتين يدهمون بيتا تلو الآخر. لم يجدوا شيئا
كان كل ما في الأمر أن الناس أصيبت بالبكم. هذا هو كل ما حدث, لم يحفروا مساقط موت ولم يقتلوا الصارخات أو يهدموا مساكنها في الجدران, كان الأمر مريحا للحكام.
لكن الفكرة أعجبت الشاب, لا ندري اسمه لكن ما بقي من بطاقته يقول أنه كان (فلان) 317. أصبح (ولسخرية القدر) بنصف اسم مثله مثل أعضاء الحركة الأولية.

اليوم الثلاثون:
ذهب 317 إلى عمله كموظف مراقب في دار القراءة, ولأنه عمل بلا عمل للموظفين الدائمين فعادة المراقبين الامضاء والرحيل كي لا يشاركوا الدائمين في وجبة البسكويت والشاي المدعم.
خرج .... 317 فاشترى مجرفا وجلس في حديقة الدار وأخذ يحفر, نظر له الناس بلا مبالاة, لم يصرخ فيه أحد (خاصة وقد كثر البكم في البلد) افترض الكل أنه لا يوجد شخص سيأتي ويحفر في وسط الميدان بدون إذن من المديرين.
حين ظهر مسقط الموت وأخذ ....317 يتأمله توقف الناس عن الحركة واحتشدوا حوله مذهولين, ما يحدث كان كأنه السحر الذي لم ير من قبل!
لم يكن فيما يرونه بل ما ما يسمعونه! كانت أصواتهم الضائعة تخرج منه في نغمات غريبة نشاز غير مفهومة لكنها كالسحر ذات فتنة!

كان أبناء الحركة الأولية بالجوار, خشوا من فتنة الناس وهم بين قوسين أو أدنى من الحرية. هم من دفنوه في مسقطه. والقدماء في الحكومة حذفوه من السجلات فلم يعرف اسمه ولم يتبق منه سوى نصف بطاقة و.........
ومجراف!
***************
في الليل سمع الناس أصواتهم الضائعة كأنها عادت لهم لكنها لا تخرج منهم, فتحت النوافذ فرأوا مسقط موت محفور في الطريق!
************

اليوم الخمسين:
أصبح الأمر وباء, أين ذهب مجراف 317 لا أحد يعرف, لكن من أخذه لم يكف عن الحفر حتى انكسر. خرجت جموع الجهلاء والمستنصتين والحركة الاولية تكافح هذا الفساد الذي يخرب الطرقات ويمزق السكون  ويلقي بالبلد لهوة الاستقرار, كما قال المجلس صفر في بيانه عن الحركة الأولية: ليس هذا وقت السياسة وألاعيبها فالبلاد تواجه خطرا محدقا وعلينا التكاتف لإنقاذها. على الملك أن يستجيب بلا نقاش قبل أن تضيع البلد!

لكن رغم العثور على المجراف المكسور لم يتوقف الحفر, منعت أدوات الحفر من البيع وارتفع ثمنها في السوق السوداء لآلاف مؤلفة!
والكارثة أن أتت الصارخات تزف النبأ الكئيب! بعض التجار يمنحونها مجانا لمن يريد حفر مسقط موت!
اتضحت المؤامرة الأجنبية الممولة لإلقاء البلاد في هوة الاضمحلال. كان كفاحا مقدسا صعبا مريرا لأبناء الثورة تجاه هذا السرطان المنتشر.
*****************
أخيرا التقى الخصمان, كان لابد من الوحدة الوطنية, تقرر عقد مؤتمر عام للشعب لمواجهة هذا الخطر, الإشاعات تقول أن الموت لم يعد يسقط فحسب داخل مساقطه بل يفيض في الطرقات يجري بين الناس فتهلل له وتعود أصواتها البكماء حتى يردمه الجهلاء.
دعي الشعب بأكمله وبكل طوائفه للمجلس, احتشدوا في القاعة الكبيرة يقابلون بعضهم البعض لأول مرة منذ انشقاقهم عن بعض بعد الارتقاء, هاهو القدماء يلتئم شملهم ثانية, صوتوا فيما بينهم وأجمعوا أن 7 هو أفضل زعيم يمثل كل جموع الشعب, خرج التلفاز يطنطن بانتصار المعارضة المجيد وعودة الروح الديموقراطية للثورة. لكن البث انقطع, فبينما كان (الشعب) مجتمعا في القاعة حفر البكماء حولها مسقطا للموت خرج منه لسان كبير ففتح له الحرس الأبواب ليلتهم القاعة ومن فيها!
وبدأ أخيرا عهد الاضمحلال إذ مات في ذلك اليوم كل مخلد.

تمت

=============================================




الأحد، 23 أكتوبر 2011

ورشة التكية الادبية: محاولة في إعادة بناء قوتنا الناعمة

http://www.facebook.com/kwana3ma

القوة الناعمة للأدب والفن المصري كانت أحد مصادر النفوذ لبلادنا طوال عقود طويلة عبر العصرين الملكي والناصري وبالقصور الذاتي حتى اوائل عصر مبارك
نعني بالقوة الناعمة أن المواطن العادي يرى السينما ويسمع الاغنية ويشاهد المسلسل ويقرا الرواية من صاحب هذه القوة. يتأثر به ويتعاطف معه في قضاياه وفي تفكيره ويشعر بقيمة البلد صاحبة هذه القوة الناعمة
للتفصيل مقال رائع
http://www.facebook.com/notes/%D9%88%D8%B1%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B4-%D9%83%D8%AF%D9%87/263942426976958



الآن وفي هذا العام الذي شهد ثورات صاخبة ووفاة عدد هائل من الرموز الفكرية والثقافية المصرية ورفع (لا نريده مؤقتا ) لقيود تقيلدية صارمة حابسة للابداع المصري تبدو العودة للأخذ بأسباب القوة الناعمة في مصر ضرورة

نهضة مصر الثقافية تعني اطلاق الحرية للتفكير والابداع, الابداع بمعناه الحقيقي بمعنى ابتكار الجديد والتجريب ووضع النظريات الاصيلة النابعة من قلب ظروفنا لتفسير حياتنا وادبنا بعيدا عن نماذج التقليد الغربية, وليس الابداع بالمعنى الذي ساءت سمعته بحصره في تجاوز المألوف والمتعارف عليه اعتمادا على الصدمة والغرابة
الابداع الحقيقي الذي يأتي بالجديد والمبتكر ويسري بدماء شابة في شرايين الثاقفة المصرية يجب ان يكون هدفا مقدسا بعد الثورة, ايجاد حلول جديدة للمشاكل القديمة وايجاد طاقات شابة قادة على التكيف مع الواقع الجيد.
الثورة بدأت بالشباب. لأنهم الطاقة الهائلة المحبوسة خلف سد من التصلب والتواكل والتهاون في شئون الوطن. ولأن أي سد إن لم يستطع تصريف طاقة الماء المحبوس خلفه سينهار فقد انفجرت الثورة محطمة اشكالا جامدة كثيرة حولنا. أنشأت جدلا حول مفهوم الادل والعلم والثقافة والسياسة في بلدنا وفتحت بابا يمكن ان نتستغله ونعبر عنه لآفاق أخرى غير مألوفة قابلة للنجاح او الفشل أو نبقى قابعين حيث نحن في قاع الأمم
إعادة إطلاق القوة الناعمة المصرية ومحاولة إنشاء قوة ناعمة عربية مؤثرة في العالم مسألة هامة وممكنة, ثورات الربيع العربي بالتغطية الإعلامية الخارقة لها أحدثت تأثيرا في الغرب نفسه وهو ما يعني أن عصر الهيمنة الغربية وأننا متلقي فقط لقوته الناعمة الطاغية قد بدأ يهتز والقفزة الهائلة في وسائل الاتصال التي صنعها الغرب جعلته يبدأ في تلقي جزء من رد الفعل العربي بدلا من الاكتفاء بإلقاء الافعال. مع استمرار التقدم فستدور عجلة الزمن لتفتح مساحة اكبر للتفاعل وللصراع الناعم الثاقفي وصولا للتفاهم واو التاثير المتبادل بين الانسانية
تاثير يجعلنا اكثر قربا وندية لهم فقط إن لعبنا بشروطنا نحن وبقوتنا نحن وليس بشروطهم وقواعدهم


ما يهمني هو الأدب, بما أنه اهتمامي الشخصي وهوايتي الاثيرة. ولأنه كما ذكرت مسبقا فالقوة الناعمة تحتاج لطاقة ابداع وابتكار تعتمد على الشباب والرمزك القادم وليس الرمز الموجود المتبقي من عصور تودعنا. فالاهتمام بالبداع الشباب ورفع مستواهم الادبي وتوسيع أفاقهم في التفكير والابتكار والتجريب مسألة ضرورية لانتاج اجيال ادبية جديدة متمكنة

وهو استثمار في المستقبل للقوة الناعمة العربية

كعضو (أفتخر بعضويتي وأخجل من كسلي) في جماعة التكية الادبية, أراها (ضمن مجموعات أخرى منتشرة بدأت على صفحات الانترنت ثم تغلغلت إلى الواقع), أراها تحاول الاستثمار في هذا المجال من مدة, برعاية ناقد كبير وراعي للمواهب الشابة هو د/سيد البحراوي, أجمل ما فيه أنه لا يحاول فرض رؤيته الخاصة ونظرته النقدية والاكاديمية على الشباب. وإنما يحاول دوما استخراج رؤيتهم هم وتشجيع ابداعهم وارائهم الشخصية وان يتبادلوها معا لتشكيل وعي متبادل بما تحسه الاجيال الجديدة وتريد ان تعبر عنه في الادب

وهذا العام انتقلت ورشة التكية لرعاية لجنة الشباب في اتحاد الكتاب, محاولة لتفجير طاقات الكتابات الشابة وتبادل الاراء فيما بينها في تبادل للحوار يرفع من مستوى الكاتب ويوسع افقه. تجربة رائعة أسعدني الحظ بحضور نصف الورشة الاولى وأتمنى أن يكون أوفر معي في اتمام الورشة الثانية
أدعوكم للمساهمة في محاولتنا المتواضعة في تعزيز القوة العربية الناعمة في ورشة التكية الادبية الثانية
الايفنت
http://www.facebook.com/event.php?eid=290202454337198


الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

الشعب يريد ديكتاتورية القانون في احداث ماسبيرو وما بعدها

ديكتاتورية القانون مصطلح عنيف صكه فلاديمير بوتين رجل روسيا القوي اثناء ترشحه لفترة رئاسته الاولى, وهو يعني ان القانون لابد ان تكون له انياب شرسة تنفذ نصوصه بالقوة على الجميع دون النظر لاي اعتبارات اخرى قد تاخذ في الحسبان في حالات الرخاء والسلام

حين اخذت في تامل فيديوهات احداث ماسبيرو الاولى والثانية لاحظت ملاحظة متكررة
استخدام العربات المصفحة الخفيفة لافزاع المواطنين من الدهس لتفريقهم
نحن في مصر (حتى البلطجية) لسنا صراصير يتم اخافتها بسلاح الدهس
وهذا الذي منح الامر باستخدام هذا السلاح لابد من محاكمته محاكمة عسكرية
فقراره الاحمق انتج امرا من اثنين: إما أن المدرعات دهست ابرياء اثناء هجومها وهو ما يعني ارتكاب جريمة ضد الانسانية
أو ان المدرعات حصرت وسط المتظاهرين الذين احرقوها فتراجعت بقيتها ودهستهم اثناء الهروب
وهو ما يعني ان هذا القائد اتخذ قرارا تسبب في مقتل جنوده ووقوعهم في الفخ ولابد من محاسبته
وفي جميع الاحوال فمرة اخرى المصريون ليسوا صراصير يتم افزاعها بالدهس
إذن كيف تتم مواجهة الفوضى إن لم يكن باالقوة المفرطة
الحل هو ديكتاتورية القانون كسيف مسلط على رقاب الجميع

نحن بحاجة بالفعل لديكتاتورية القانون في عصر الفوضى هذا

واول خطوة تكون  بالتزام القانون وتطبيقه على الكل

مثلا المجلس العسكري, يجب ان يلتزم بكلمة القنون ويرفع حالة الطوارئ او يضعها في استفتاء, الاهم ان يشعر الناس ان كلمة القانون تسري عليه
رتب اعضاء المجلس وقوتهم العسكرية يجب الا تحميهم من فرض كلمة القانون

رجال الشرطة الذين يتهاونون في تطبيق القانون: يحاسبوا او يفصلوا ويعين غيرهم فرضا لسيادة القانون
في المقابل رجل الشرطة الذي يخاطر بحياته لتنفيذ القانون يكافئ, والاهم انه إذا رد على بلطجي في حدوزد الدفاع الشرعي عن النفس وعلى الانفس لا يتم معاقبته او منعه بعد التحقيق والاثبات بان الامر في حدود القانون

مثلا الكنيسة: القس الذي يحرض على اغتيال محافظ يجب ان تم محاسبته ومحاكمته, رتبته الكنسية يجب الا تحميه هو او غيره من فرض سيادة القانون
الزام الكنيسة والمسجد باحكام القانون امر ضروري لترسيخ مبدأ المساواة
الحديث عن منح حصانة من التفتيش مثلا للكنيسة دون المسجد او السماح بمخالفات المباني امر لا يصح ويجب فرض ديكتاتورية القانون  عليه

المحافظ الذي يتعنت في منح ترخيص لكنيسة بينما سكان المنطقة المسيحيين يحتاجونها سواء لبعد اقرب كنيسة او ضيق مساحتها فهذا موظف يعمل لتعطيل مصالح المواطنين ويجب عزله تنفيذا لديكتاتورية القانون

القائد العسكري الذي اصدر امرا بتفريق المظاهرات بالدهس لابد من محاكمته اقرارا لديكتاتورية القانون
المواطن الذي اعتدى على سيارة للجيش واحرقها ان ادانته لجنة التحقيق لابد من محاكمته هو ومن حرضه

محاسبة كل المخطئين أيا كانوا هو اقرار العدل القاسي الصارم
ما كان يحدث ايام مبارك من (شغل عصابات) ان الكنيسة تبتز بواسطة مظاهرات المهجر والتلويح بالحماية الدولية بينما ترد الحكومة بارخاء العنان لبعض المتطرفين الملتحين ثم حينما تدلهم الامور تبدأ التسوية بالطبطبة وترخيص الكنيسة الغير مرخصة مثلا لتسكيت راسها ويبقى الجريمة بلا صاحب ومن مات قد مات في ظل لعبة شطرنج على مساحات النفوذ بين الطرفين

هذه حلول مبارك الفاشلة وشغل عصابات لابد ان نتطهر من رجسه
المساواة
العدل
دولة القانون التي لا تميز بين قس وشيخ وبلطجي ولواء ومحافظ

السبت، 1 أكتوبر 2011

صفحة من منهج التاريخ 2051 (ثورة 2011)

ثورة2011

=====

قامت ثورة 2011 على يد مجموع من الضباط الشرفاء لانقاذ البلاد من حالة من الفوضى والضعف التي نجمت من تدهور

صحة رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك وضعف متابعته للشان العام في ظل تدخلات دولية وظروف اقتصادية حرجة

============================

حالة البلاد قبل الثورة, ============

كان هناك انقسام سياسي حاد في البلاد بين قوى قومية اشتراكية تسعى للقفز على السلطة بتشجيع سلسلة من الاضرابات والتحريض عليها, بينما تحاول قوى التطرف الديني استخدام الدين لفرض حكومة القائد الاله. وفي المقابل حاولت مجموعة من رجال الحزب الوطني انقاذ البلاد من التهديد بالالتفاف حول ابن الرئيس المريض جمال مبارك وتشجيعه عل ترشيح نفسه للرئاسة لاعادة امجاد ابيه الاولة لشبابها لكن القو الدولية انتبهت لهذا الخطر وبدأت في عملية تحريض وشراء عملاء واسعة مستغلة سوء الظروف الاقتصادية في البلاد وهو ما ادى لظهور قوى عميلة لا تحمل اتجاه سياسي معين مثل حركات 6 ابريل وكلنا خالد سعيد, فحاولت الاولى طرح اسم محمد البرادعي احد عملاء امريكا (القوى العظمى وقتها) للرئاسة, وكان للبرادعي ماضي مشبوه من العمل في المنظمات الدولية استغل منصبه لمساعدة امريكا لتدمير واحتلال العراق وافغانستان وتشديد الحصار على ايران, وتمت مكافأته بجائزة توبل ليصبح مرشحا مثاليا لضمان السيطرة الاجنبية على مصراما حركة كلنا خالد سعيد فتكونت من مجموعة من مدمني الحشيش (الذي كان محظورا وقتها) لمواجهة قوات الشرطة التي تحاول السيطرة على الاتجار غير الشرعي (في ذلك العصر) لهذا المخدر الطبي. وسرعان ما وجدت دعما اجنبيا من الشركات العملاقة ممثلة في شركة جوجل (اليوم هي القيادة الجوجلية التي تتولى نظم الحكم في شمال امريكا واوروبا) ويبدو ان كلنا خالد سعيد كانت اولى خطوات جوجل في رحلة السيطرة على السياسة الدولية

=============================

اضطرابات يناير2011==

===========

نتيجة لظرووف اقتصادية عالمية سيئة انفجرت سلسة من الاضطرابات الشعبية في عدة دول كان من ضمنها مصر. حيث خرج المحتجين على قلة الوظائف يوم 25 يناير 2011 للتعبير عن ارائهم, لكن تبع هذه المظاهرات السلمية حوادث غريبة في تكرار لحريق القاهرة 1952 الذي سبق ثورة يوليو. ففي 28 يناير قامت اطراف مجهولة بعمليات تحريض وفتنة وقتل وتدمير لاقسام الشرطة ومؤسسات البلاد بما استدعى تدخل الجيش لحفظ على الامناستغلت حركة 6 ابريل العميلة هذه الاحداث للمطالبة بتغيير الحكم وتعيين البرادعي بدلا من مبارك وجمال, ونشرت سلسلة من الشائعات المغرضة عن الاخير وحين حاول انصار جمال مبارك الدفاع عنه قامت الحركة بحشد انصارها وتوزيع الاموال والطعام المجاني على الفقراء والغوغاء لمهاجمة كل من يحاول قول كلمة الحق فيما عرف باحداث 3 فبراير او موقعة الجمل. حدثت مصادمات بين انصار الفريقين ادت لخوف الموظفين من النزول لاعمالهم واضطربت احوال البلاد ممات ادى لانهيار اقتصادي شامل.

=============================================

ثورة الجيش

==========

لم يعد الصمت ممكنا على ما يحدث في البلاد, فتحركت قيادة الجيش لانقاذها من الفوضى والفصل بين المتصارعين على الحكم, واعلنت تنحي حسني مبارك لاسباب صحية بينما تتولى قيادة الجيش الحفاظ على الشرعية واتمام مدة الرئاسة القانونية

والتفت جموع الشعب حول هذه الثورة المباركة التي انقذتهم من سيناريوهات سوداء لكن هذا لم يكن سوى بداية الطريق

إذ كان المشير طنطاوي قائد الثورة المباركة عدة مخاطر داخلية وخارجية

أ.مخاطر خارجية: التحريض الدولي المتمثل في الدول الكبرى وعملاؤها (حركة 6 ابريل) والشركات العالمية (حركة كلنا خالد سعيد) وحكومات دول الخليج وايران (تمول بعض القوى المتطرفة التي عرفت في ذلك العصر بالسلفيين والاخوان)تهديدات من دولة اسرائيل المعادية وقتها بسبب استفزازات المتآمرين الداخليين لحدودها لمحاولة اشعال حرب تسمح بتبرير الاحتلال الاجنبيب.مخاطر داخلية:

سوء الاحوال الامنية والفوضى التي يحرض عليها المتآمرين

سوء الاحوال الاقتصادية مع هرب الكثير من رجال الاعمال من انصار جمال مباركمحاولة استغلال بعض العملاء في هيئات القضاء لمحاكمة ومطاردة رجال الحكومة السابقة وكل من يحرص عل الاستقرار

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

كيف واجه مجلس قيادة الثورة تلك المخاطر؟

======================

كانت الاولوية لمواجهة الاعتداء الخارجي فتم عقد تفاهم مع اسرائيل لحماية المصالح

المشتركة ومواجهة حازمة للمخربين, تم السعي لفرض الامن بالقبض على الكثير من المتآمرين وتقديمهم للمحاكمة العسكرية العادلة, ولكن حدثت ضغوط عنيفة من متآمري 6 ابريل لتحويل القضايا للقضاء المدني الذي كان يعاني من مشاكل كثيرة ومخترق من الحركة فاستجاب المجلس لهم في البداية لكنه اضطر لفرض حالة الطوارئ للمرة الاولى في سبتمبر 2011

بدأت المرحلة الثانية من المؤامرة بسلسة من المظاهرات والتحريض على الاضرابات ضد المجلس العسكري وهو ما ادى لكشف الوجه الحقيقي امام الشعب الذي التف حول قيادته, وفي منتصف عام 2012 كانت نهايو هذه الحركة باعلان حظرها والقبض عل قيادتاها بعد اكتشاف مراسلات خطيرة مع منظمات اجنبية تعمل لصالح الاستعمار كهيومان رايتس ووتش. نفذ حكم الاعدام في 8 من قادة الحركة بينما تم تخفيف الحكم للسجن المؤبد بسبب صغر السن للباقيين بموجب عفو رحيم من الرئيس طنطاويهرب قادة كلنا خالد سعيد من البلاد لكن احد مؤسسي الحركة (الذي اكتشفت علاقته المشبوهة بجوجل اثناء الثورة)لقى جزاءه العادل من القدر حين مات في حادث سيارة على يد مجهولين داخل سايبر بالامارات (حاليا شرقها جزء من احد مقاطعات الهند الكبرى والآخر تحت الحماية الايرانية) وكالعادة اتهمت القوى الاستعمارية الحكومة بتدبير اغتيالهكان التحدي التالي هو مواجهة قوى الظلام من الجماعات المتطرفة التي حاولت في البداية مهادنة المجلس العسكري اثناء تدبير المؤامرة لاختطاف البلاد عن طريق تزوير الانتخابات مستغلين السيطرة على اعداد كبيرة من الاميين لكن نقص اعداد هؤلاء (لم يكن نسبتهم في ذلك العصر تزيد عن 40%) وانتباه المجلس العسكري للمؤامرة افشل خطتهم الدنيئة, فتم تأجيل الانتخابات عدة مرات مما اثار غضبهم الغير مبرر, وبعد القضاء عل مؤامرة 6 ابريل استطاع ابطال المخابرات العسكرية اكتشاف تورط عدد من قيادات الاخوان في عمليات الاجرام التي ارتكبت يومي 25و28 يناير. تم محاكمة هؤلاء محاكمة شعبية ونجحت قوى الثورة اخيرا في تامين البلاد من خر عملاء قوى الاستعمار لبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار السايسيعقبق ذلك تم اتخاذ سلسة من الاجراءات لانعاش البلاد اقتصاديا, فتم محاكمة وعزل كل من شارك في الاضرابات وتعطيل الانتاج وابعاد القضاة المتآمرين عن مناصبهم واعادة الاموال لرجال الاعمال الذين حوكموا ظلما واعادة فتح استثماراتهم ومصانعهم في مصرتم عقد صفقات ضخمة لتصدير الغاز والبترول لاسرائيل (كانا متوفرين في ذلك العصر في مصر) ومنح عقود خاصة لامريكا منحتها مزايا استثمارية بتقديم عمالة رخيصة من جيوش المسجونين من عملائها وهو ما عاد على الاستثمار بين البلدين بقفزات كبرىاستطاع المجلس بقيادته الحكيمة تجاوز ازمة المجاعة الطاحنة في عام 2015 التي اهلكت 60% من السكان وتحويلها لفرصة ذهبية لاعادة بناء البلاد على اسس حديثة دون معاناة الانفجار السكاني وساعده في ذلك عقد الخصخصة الضخم لقناة السويس الذي عاد بفائدة ضخمة على البلاد ومنحها مميزات كبيرة بتدويل القناة حمت البلاد من الاحتلال بعد استيلاء اسرائيل على سيناء مقابل تعويضات دولية وهجرة الصينيين بكثافة لشمال الدلتاوعملا بالتعاون الثقافي واستغلاله اقتصاديا جح الرئيس الثالث للمجلس المشير الرويني عام 2020 في عقد صفقة نقل الاهرامات (كتل حجرية قديمة كانت موجودة فيما عرف بمنطقة الجيزةغرب القاهرة) إلى القوى العظمة الجديدة الصين مقابل مميزات هائلة في استيراد الملابس والفوانيس وهكذا فكل ما نحن فيه من نجاح اقتصادي (ارتفع دخل الفرد إلى 3 يوان سنويا) وتقدم (حسب احصاءات جوجل ارتفعت نسبة التعليم إلى 15%) إنما يرجع للحركة المباركة للجيش يوم 11فبراير 2011 حين خرج رجال شرفاء للدفاع عن البلاد ضد التدخل الاجنبي ومؤامرات تدمير الاستقرار

الأحد، 24 يوليو 2011

كيف تخلص الباشا من ثوار 25 يناير

بعد مرور حوالي 50 سنة على فشل تجربة الانقلاب العسكري التي قادها علي بك الكبير قبل أن يسرقها منه محمد بك ابو الذهب (حاجة زي ثورة يوليو كده) ولم يسفر تسليم الامور لبكوات المماليك الذين قاموا بالحركة (النخبة العسكرية المصرية) سوى عن اضعاف البلاد وزيادة التدخل الاجنبي لدرجة الاحتلال (زي هزيمة 67) لم يتحمل الشعب المصري الذل والمهانة والتخلف وقرر القيام بثورة شعبية عام 1805 (زي ثورة 25 يناير 2011)ـ

بدأت الثورة على مرحلتين الأولى الاطاحة بزعامات المماليك متمثلة في البرديسي بك كرد على قرارات اقتصادية فاشلة بهتاف ايش تاخد يا برديسي من تفليسي (زي عيش حرية عدالة اجتماعية ايامنا)

ولكن تزايد قمع الوالي العثماني خورشيد باشا وقوات الانكشارية (زي الداخلية دلوقت) فتحركت القوى الشعبية بقيادتها التي حرضت على الحرية من قبل الحملة الفرنسية متمثلة في علماء الازهر ونقابة الاشراف (زي كفاية وكلنا خالد سعيد والعالم دي) ـوهنا حدث الصدام الكبير مع الانكشارية والوالي وانتهى الأمر بانتصار الثورة الشعبية المصرية الناجحة الاولى في التاريخ منذ ثورة اعادة الناصر قلاوون لمنصبه عام 1299

اجتمع الثوار واتفقوا على تسليم امانة الحكم لقيادة الجيش المتمثلة في محمد علي باشا الذي وقف موقفا محمودا من الثورة ورفض أن يقوم جنوده الالبان بضرب الشعب المصري الثائر (زي المجلس العسكري) طبعا كان ذلك بشروط أهمها ألا يقطع أمرا إلا بمشورتهم (زي ما بنقول دلوقت مفيش قانون يطلع الا بعد التشاور مع القوى السياسية)ـ

لكن كانت هناك مشكلة مرعبة هي فلول المماليك (الثورة المضادة) والتدخل الاجنبي المؤيد لها. هنا ترك الشعب وقوى الثورة حرية اكبر لمحمد علي باشا لأجل إعادة الامن وهزيمة قوى الفلول. ومن باب الوطنية ساعدوه لمواجهة التدخل الأجنبي لدرجة أن اثنين من مشايخ الأزهر (ومن الأشراف) هما الشيخين الصاوي والدواخلي قاما بالتوسط لدى الفلول المملوكية لأجل التوحد ضد حملة فريزر وانقاذ محمد علي من السقوط

خلال هذه الأحداث كان الداهية الألباني يتحرك بحرص. هو يدرك أنه ليس ذو شعبية ضمن قواته العسكرية التي تطيعه لفارق الرتبة فحسب فسع لاستبدالها بالتدريج والتنكيل بالمتمردين منهم وأدرك أن الثوار هم القوة الحقيقية التي صنعته وبالتالي القادرة على سحقه فبدأ ببث الفتنة بينهم

بدأ بعمر مكرم نقيب الأشراف. له دور كبير -هو والنقابة- في مواجهة الاحتلال الفرنسي وهو والنقابة لهما دور كبير في مواجهة المماليك

لكن الشيخ عمر مكرم لم يكن هو الثورة. هناك آخرون قاموا بأدوار كبيرة. هناك حزب مؤيد للشيخ البكري وحزب مؤيد للشيخ الشرقاوي وحزب مؤيد للسيد المحروقي من ضمن قوى الثورة. واحد كان نقيب الأشراف في أحلك الفترات والآخر كان رئيس الديوان في عهد الحملة الفرنسية وتحمل عبء مواجهة غضب نابوليون وادارة شئون البلاد في الظروف العصيبة (زي ما بنقول على شفيق دلوقت) والثالث ممثل للتجار والأعيان غير الأزهريين(مرشحين للزعامة زي البرادعي وموسى والعوا دلوقت)ـ

هل نترك القوة الأزهرية الهاشمية المتطرفة متمثلة في عمر مكرم تسيطر على شئون البلاد؟ بدأت الشائعات تنسج حول عمر مكرم فهو من سمم ابن الشيخ الدواخلي تلميذ الشيخ الشرقاوي وهو يسعى للاطاحة بمحمد علي (حاجات كده زي حظاظة وائل غنيم ومايوه بنت البرادعي) ووصل الأمر للذروة بخلاف حول ضرائب لتمويل الدولة والجنود الذين يتولون إعادة النظام (زي الخلاف حول قانون الانتخاب والدستور أولا)النتيجة الاطاحة بعمر مكرم وتعيين الشيخ السادات مكانه نقيبا للأشراف (راجل كبرة عجوز لا يهش ولا ينش زي يحيى الجمل بالظبط)ـ

بعد الاطاحة بحزب عمر مكرم كانت أحوال الدولة والصمود أمام التدخل الأجنبي وإنقاذ الدولة من الانهيار (زي عجلة الانتاج الواقفة) يجبران القوى الثورية على الصمت

لكن الرجل العجوز توفاه الله (زي استقالة يحي الجمل لأسباب صحية) , وعاد منصب نقابة الأشراف (اللي بقى منتهى الأمل للثوار) لما تبقى من القوى الثورية وهذه المرة أخييييرا تم الدفع برجال الصف الثاني الأصغر سنا واكثر قدرة. فتولى الشيخ الدواخلي من رجال الصف الثاني في حزب الشرقاوي هذا المنصب الخطير الذي لا يحمل سلطة سوى السلطة المعنوية. بدا للثوار اختيارا مناسبا فهو ليس من رجال عمر مكرم المغضوب عليه بل من أعدى أعدائه ويمتلك الشخصية القوية الغاضبة دوما القادرة على مواجهة الباشا الذي أصبح يرهبه الجميع بدأ الشيخ محمد الدواخلي بمحاولة إعادة الهيبة للمنصب الرمز وبالسعي لمواجهة المظالم ومواجهة الوالي باتفاقاته وتعهداته القديمة

لكن النهاية كانت قد بدأت قبل البداية! حين انفرد حزب الشرقاوي بالثورة بعد التخلص من خصومه الثوريين لم يجد أحدا يدافع عن رجلهم حين اصطدم بالباشا

وعزل الدواخلي من المنصب وتم نفيه في لمح البصر ليموت وحيدا مهموما مثلما حدث لسلفه عمر مكرم تماما

هذا هو ما حدث في الثورة الشعبية الأولى في تاريخنا الحديث. التفريق بين القوى الثورية باجراءات خلافية ثم تعميق هوة الخلاف بين حزب وبقية الأحزاب ونشر الاشراعات والاتهامات قبل استبعادها واحدا تلو الآخر واستغلال غدر كل حزب بالثاني كوسيلة للتخلص منها جميعا

النهاية انفراد مطلق للحاكم الطاغية وأصبحت كلمة باشا من مجرد قائد في الجيش التركي (زي مشير وفريق عندنا) لإله لا يجوز عصيانه

واختم بمقولة: حرص من الجيش ومتخونوش

الأحد، 12 يونيو 2011

أدباء الاسكندرية: اسماعيل وهدان مؤشر على عودة ظاهرة النبوغ المبكر للعرب

في مكتبة الاسكندرية, هذه المنارة الثقافية والعلمية الرفيعة استضاف مختبر السرديات أصغر روائي في مصر, اسماعيل وهدان لمناقشة روايته (أنا لست شريف) التي اتمها وعمره 12 عاما فقط.

الندوة أدارها الاديب (منير عتيبة) وتحدث فيها الناقد د-محمد عبد الحميد وشهدت حضورا كبيرا إذ امتلات القاعة عن آخرها وكان من ضمن الحضور رشاد بلال, د. عبد الباري خطاب, احمد حميدة, د. نادية البرعي, سهير شكري, هناء عبد الهادي, أحمد الملواني, هيثم الوزيري.

الرواية نشرت عام 2009 ضمن اصدارات منتدى التكية الأدبي, في كتاب واحد مع متوالية قصصية لوالدته د-ايمان الدواخلي. وتمت مناقشتها من قبل في بيت الشاعر بواسطة الناقد-دمصطفى الضبع ويذكر أن اسماعيل وهدان (مواليد 1996) بدأ طريق النشر عبر المشاركة في كتب جماعية (اعذريني ومخاوف أخرى- فأر في المصيدة- حتى القهوة أصابها البرود) قبل أن ينشر روايته. وفاز مؤخرا بالمركز الثاني في مسابقة التكية لأدب الإثارة ذو الطابع المحلي (نشرت الاعمال الفائزة في مجموعة جبانة الأجانب)ـ

البداية كانت من أ. منير عتيبة الذي ذكر انه حين أعطاه الكاتب أحمد الملواني نسخة الكتاب متحدثا عن روائي عمره 12عاما تصور أنه بصدد عمل يشير لمستوى جيد في اللغة أو متميز في الأسلوب لكنه فوجئ بمستوى الرواية المتقن وأنها من النوع البوليسي النفسي. الذي يركز على كلا من التقنية والمحتوى وقد نجح في كلاهما عن جدارة رغم صغر عمره.

وهو ما أكده د-محمد عبد الحميد الذي أكد أنه فوجئ بعمره قياسا بمستوى العمل ولكن مهمة الناقد هي نقد العمل الادبي في ذاته بغض النظر عن مؤلفه

بعدها بدأ د-محمد عبد الحميد في سرد ملخص سريع لأحداث الرواية وأنها ترتكز على محورين: نفسي يأخذ أنماطا متعدة والثاني روايات الاعتراف ذات النكهة البوليسية

تناول أسلوب الكاتب ووصف اختياره لضمير السرد الاول (المتكلم) بالموفق حيث انه ساعد على خلق حالة إشفاق من القارئ على الراوي رغم غرائبيته كما أن الرواية ليست طيعة على القارئ بلجوئها لتلك المنطقة الجمالية المعزولة التي تسخر الهذيان لتدمير كل المؤسسات الطبية والاجتماعية والبلاغة الأرسطية. فهو يكتب بلغة غير مألوفة هي لغة الهذيان.

وأما تقنيات الرواية فكان أفضلها هو تقنية الزمن. فرغم غلبة الخطية على الرواية فالعودة عبر الفصل الثالث لاسترجاع قصة تعارفه على حسام وما تلاه من استرجاعات تقدم هامشا معرفيا عن السارد فلا يستطيع القارئ وضع صورة السارد إلا من جمع اجزاءها عبر الفصول.

لغة الرواية تتناسب مع مقولة الحداثيين أن الجنون هو استعارة كبرى للحياة. المنولوج الداخلي بها يتكشف ويتحول إلى منولوج خارجي بين الأنا والأنا الأخرى كما أن القول المبتسر والتشوشات والقلق النفسي يتناسب مع المدلول لشخص غرق في بئر أفكاره.

لجأ الكاتب كذلك لتقنية المشاهد المتقطعة واستخدمها للتعبير عن عقلية فريسة استذكارات غير مكتملة من الطفولة كأطياف في ذاكرة مهترئة

ثم بدأ الناقد في الحديث عن مآخذه على الرواية, ومنها اضطرابات في الإحكام حيث ان مثل هذه الروايات يجب أن تكون محكمة الصنعة فلا تظهر فيها تساؤلات تناقضية مثل كيف تذكر بيت أمه ولماذا يستمر في قراءة يومياته رغم انه وجدها مزيلة باسم شريف رغم أنه يتناقض مع حالة الانكار المسيطرة عليه؟

الرواية تقدم نموذج مريض نفسيا لكن مع بعض الضبابية حول كنه المرض إن كان الفصام أم فقدان الذاكرة المزمن. مع ترجيح القارئ للفصام الذي هو رفض للحياة.

بعد ذلك بدأت مداخلات الحضور وأكد عدد منهم أنهم أتوا اليوم تحديدا لرؤية هذا المغامر صغير السن الذي أنجز رواية في هذا العمر بهذا المستوى. وترددت بعض المآخذ على الرواية مؤكدين وجهة نظر د-محمد عبد الحميد في مناقشة النص لذاته وليس لعمر كاتبه, ومنها كثرة الاخطاء النحوية, وغياب العلاقات النسائية والمرأة عموما (باستثناء الأم) عن حياة البطل وإن اعتبر أحد الحضور هذا مبررا لأن مريض الفصام يميل للعزلة والبعد عن العلاقات اللصيقة خاصة مع كون الام سببا وجزءا من مشكلة البطل قد يؤدي لنفور عام من النساء. وإن لم يوجد في الرواية ما يشير لهذا النفور.

أشار البعض كذلك لبطأ تصاعد الأحداث في الرواية وإن حافظ على التشويق, وكانت إحدى ملاحظات الحضور أنه لم يقتنع بأن الكاتب في هذا السن أبدا أثناء القراءة وهو إضافة حقيقية.

بينما عبر الروائي أحمد حميدة عن عدم اقتناعه بالعمل, حيث رأى فيه بعض المشاهد القوية التي تشير لامكانية تكوين رواية فيما بعد لكنه لم يستطع أن يفهم العمل رغم أنه قارئ جيد. لذا فينصح اسماعيل بالصبر قبل خوض التجربة الروائية.

ثم تحدث د-عبد الباري خطاب مشيرا إلى العنوان المحير, أهو خطأ لغوي أم اسم علم؟ فلا تفك الحيرة إلا بعد قراءة الرواية, والغلاف الشطرنجي المحير الذي لا يفهمه القارئ إلى بعد اتمام العمل ثم أتت المقدمة تحريضية مستفزة بها منطق لا يمكن أن يرفض يمثل صدمه للقارئ.

ثم اتجه النقاش بعد ذلك لقضية سن الكاتب وتأثير الكتابة عليه, فطلب البعض من اسماعيل بالتمهل, رغم اعجابهم بالعمل لكنهم رأوا أن إنجاز مثل هذا العمل خاصة مع شقه النفسي المعقد يمثل حملا ثقيلا على نفسية طفل مازال على أعتاب المراهقة, بينما كان هناك رأي آخر يرى أن اسماعيل وهدان ليس ظاهرة غريبة على العرب, وكما ذكر أ. منير عتيبة أننا نرى الطفل الذي حصل على الدكتوراه في العاشرة من عمره في أوروبا, وعندنا من حفظ القرآن في السادسة بينما نجد من هو في الأربعين غير قادر على تلاوة آية. فالنبوغ الأدبي المبكر عرفناه عند العرب كثيرا ولعل أحد أمثلته الشاعر أبي قاسم الشابي الذي حركت أبياته الأمة العربية. لكن الاهتمام بالمواهب والبراعم الصغيرة هو الذي تراجع في عصرنا الحالي واسماعيل قد يكون مؤشرا لعودة هذه الظاهرة لبلادنا في هذا العصر الجديد الذي يلعب فيه الشباب دور المحرك.

ثم في الختام قام المؤلف الصغير في الرد على أسئلة الحضور, بعضها حول أحداث الرواية ووجهة نظره فيها, وذكر أنه لم يخطط لهذا الاتجاه البوليسي النفسي والرواية كتبت نفسها بنفسها.

لمشاهدة فيديو اللقاء

http://www.megavideo.com/?d=MK2RD89N

لتحميله

http://www.megaupload.com/?d=MK2RD89N

اسماعيل وهدان في ندوة مختبر السرديات بالاسكندرية
جانب من حضور الندوة (الروائي د-عبد الباري خطاب)ـ

الجمعة، 10 يونيو 2011

مسابقة التكية الثانية في أدب الفاناتازيا

بسم الله الرحمن الرحيم
اول تدوينة بعد الثورة!
وعن فانتازيا الثورة
كوبي وبيست
بعد نسخة أولى - نعدها ناجحة - لمسابقة التكية في أدب الخيال ذو السمة المحلية، والتي أقيمت برعاية د سيد البحراوي وتحكيمه و كان نتاجها هو مجموعة "جبّانة الأجانب"
فإنني - ممثلةً لمنتدى التكية الأدبي: الشاعر ياسر رزق/ الشاعر عبدالله صبري/ القاص عمرو محمد ابراهيم/ وإيمان الدواخلي - أعلن بدء النسخة الثانية من مسابقة التكية المفتوحة على مستوى الوطن العربي.
وتصديقا لتوجه التكية بحتمية تواصل الكاتب مع مجتمعه كان اختيار عنوان مسابقة هذا الموسم هو فانتازيا الثورة
الثورة .. ليست فقط ثورة شعب على حاكم. بل هي حالة من الرفض والتمرد على وضع ضاغط وغير حكيم
قد تكون على الحاكم.. على أخلاقيات المجتمع.. على التاريخ.. على الرفيق.. أو حتى على النفس
في قالب فانتازي ننتظر صياغات تحمل السمة المحلية أيضا. ذلك أن حق القارئ في أن يرى نفسه فيما نكتب يسبق حقه في رؤية عوالم متغربة أخرى.
المسابقة في القصة القصيرة والرواية القصيرة (بحد أقصى 40 صفحة نشر – 6000 كلمة)
ليس هناك شرط لجنسية أو سن
نستقبل الأعمال حتى نهاية شهر سبتمبر على إيميل التكية altekeya.steps@gmail.com
جائزة المسابقة:
نشر الأعمال الفائزة بالمراكز الخمس الأولى في مجموعة قصصية تصدر عن دار أكتب للنشر والتوزيع
ويظل للتكية حق اختيار نصٍ متميز تراه يستحق النشر لإضافته للمجموعة وإن لم يفز بأحد المراكز الخمسة.

وتوازيا مع المسابقة، تعلن التكية الفترة القادمة موسما للفانتازيا في إصداراتها من لحظة إعلان المسابقة هذه وحتى معرض الكتاب القادم، ويكون عدد المسابقة والرواية الفانتازية التاريخية الملحمية "الغول الأحمر الأخير" لمحمد الدواخلي هما نواته ويضاف إليهما بإذن الله إنتاج أقلام التكية في مجال الفانتازيا.

في انتظار مشاركتكم.. مستندين إلى طمعنا في مؤازرة أساتذتنا في تحكيم المسابقة آملين في نجاح النسخة الثانية منها كسابقتها وأكثر



http://www.facebook.com/event.php?eid=166594433403748

الاثنين، 3 يناير 2011

الحلقة الاولى: الضفدع الوردي (للاسف لم اكمل لها ثانية)


الحلقة الأولى : الضفدع الوردي
قال شهريار وهو يتثاءب : قولي لي يا شهرزاد, ما أمر تلك الحيوانات الغريبة والمخلوقات العجيبة التي تحديني عنها؟ تزعمين بوجود حصان طائر وغول ثائر أو ثعبان برأسين يطارد رخا أثقل من فيلين!
قالت شهرزاد : أو ترى في هذه المخلوقات أنها غريبة؟
قال شهريار : هي غريبة حقا وأتمنى لو اقتنيت مثلها. ملك في مثل جبروتي يزيد بهاءه بامتلاك تلك المخلوقات القوية.
قالت شهرزاد : ليس كل تلكم الأعاجيب النادرة والمخلوقات المذهلة قوية مدمرة, فلو سمعت مني يا مولاي حكاية ما أصاب التاجر عبد الرحمن وابنته لعلمت أن الخطر يأتي من مستصغر الشرر وأن العجب يأتي من أقل الكائنات شأناً
قال شهريار : وما أمر هذا التاجر وما حكايته
قالت شهرزاد : كان يا ما كان في سالف العصر والأوان كان في زمان وما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام
كان هناك تاجرا يدعى عبد الرحمن. وكان متوسط الحال, يتاجر بماله القليل بين البلدان بحثا عن رزقه هو وأهله
وكان عنده ابنة شابة يشهد الناس لخلقها ومرحها.
أراد هذا التاجر أن يهدي ابنته ذات يوم هدية فريدة. كان في مدينة مزدهرة في قلب بلاد الحبشة وجد بها نفائس لا حد لها لكنها كانت قريبة من العين وبعيدة عن القدرة.
أخذ يقلب في بضائع تاجر أريب اشتهر بين الناس أن من يأتيه لا يخيب, فحتما هو واجد ما يبغي ريريد.
لكن ما رآه إما كان غاليا أو معروف في بلده لا تفاخر به ابنته أحدا.
وكاد أن ينصرف من متجر التاجر الحبشي خالي الوفاض.
وعز على التاجر الحبشي أن يفقد شهرته وأن يعيد شخصا ما خائبا فناداه مسرعا وقال
:ماذا تبغي ولم تجده؟
قال عبد الرحمن : إنما كنت أبحث عن هدية فريدة لا مثيل لها لابنتي.
: وما أكثر هذه البضائع في متجري.
: لكنها باهظة الثمن لا أقدر عليها.
صمت التاجر الحبشي مفكرا قبل أن يقول عندي شيء فريد لا مثيل له ولكن أهل المدينة هنا يرغبون عنه فقد أبيعك إياه بسعر زهيد على شرط.
نظر له عبد الرحمن متسائلا فأكمل التاجر الحبشي : هذا الضفدع النادر ذو لون وردي! مخلوق لن تجد له مثالا في أي مكان. قد تجد ضفدعا أخضر أو أحمر أو رمادي لكن الضفدع الوردي حيوان نادر جدا والناس ترى أن به شؤما -لكني أظنك لست ممن يهتمون بهذه الأمور- سأبيعك هذا الحيوان الفريد الغريب الذي لن تر قرينات ابنتك له مثيلا في كل البلاد لكن عدني ألا تهمله أبدا. عليك أن تحرص بنفسك على تقديم الطعام له والشراب.
فكر عبد الرحمن في نفسه فوجدها مهمة سهلة فأسرع بشرائه من التاجر.
لكنه ما أن خرج من عنده حتى قال لنفسه : تبا لي, قد خدعني هذا الحبشي فباعني ضفدعا. ضفدعا! مهما كانت ندرته فلن يكون له قيمة في عين ابنتي او أي عين أخرى. ما هذا السخف! اشتريت تلك الحقارة السخيفة؟ ألهاني بحديثه عن الندرة والشروط وتلك الأشياء. لعله يستخدم السحر ليفتن زبائنه.
ثم كاد أن يلقي بالضفدع بعيداً لكنه تذكر وعده للحبشي فتراجع إذ أحس بوخز الضمير أن يسرع بحنث عهده بهذه السرعة.
اشترى عبد الرحمن بعض الحرير لابنته وذهب ليلحق بقافلته وعاد لمدينته.
*************************
استقبلت فلة والدها بسعادة وهي متلهفة لرؤية هديتها الجديدة فأسرع الرجل بإخراج الحرير لها حتى لا تبحث وسط المتاع وتكتشف هذا الضفدع الغريب الذي بدا له مسألة محرجة.
شكرت فلة والدها كثيرا وأسرعت لأمها لترى كيف تصنع منه ثوبا فريدا لا تملك زميلاتها مثله بينما تسلل عبد الرحمن لمخزنه أسفل المنزل ليضع باقي بضائعه ومعها هذا الصندوق الزجاجي الصغير الذي يحوي الضفدع.
مرت الأيام وأتى موسم التجارة الجديد واستعد عبد الرحمن للرحيل مع قافلته الجديدة.
أعد كل شيء وتجهز لكل أمر فزوجته ستهتم بالمتجر في غيابه وابنته ستتلقى دروسها مع بنات زملائه من التجار في منزل الشهبندر وسيحرص شقيقه على الاطمئنان على أهله.
كما ترون أعد كل شيء للرحيل ولم ينسى أي أمر.
باستثناء أمر واحد, الضفدع البمبي.
مضت الأسابيع الطويلة في رحلة عبد الرحمن ولم يتذكر هذا الضفدع إلا نادرا وقد قال لنفسه : لابد أنه مات الآن. الضفادع لا تعيش طويلا كما أظن ولعلي لم أنقض عهدي لهذا الحبشي إذ أن الأمر لا يزيد عن نسيان بسيط وقد رعيته وقتا أطول من اللازم تلك الحشرة الضئيلة.
لكن بينما كان عبد الرحمن يهون على نفسه مخالفته لهذا الوعد كانت فلة ابنته تنزل للمخزن لتحضر لأمها بعض البضائع للمتجر.
أخذت تخرج اللفافات والصناديق الثقيلة وإذا بها تسمع صوت تحطم بعض الزجاج.
نظرت في فزع وهي تخشى أن تجد قنينة عطر محطمة لكنها وجدت بعض ألواح زجاجا لم تدرك أنها كانت صندوقا إلا عندما رأت هذا الضفدع.
لم تفهم لماذا بدا لها هذا الضفدع جميلا جدا جداً وأسرعت تنتشله من حطام قفصه لتضعه في دورق كبير.
أنهت عملها المرهق وأسرعت لحجرتها لتأخذ قدراً من النوم.
ما أن أغلقت عيناها حتى سمعت صوتا يقول لها : شكراً!
ظنته حلما يراودها أثناء النعاس فتجاهلته حتى أصبحت.
في الصباح غسلت الفتاة وجهها واستعدت متثاقلة لتخرج لمنزل الشهبندر لتتلقى مع صديقاتها دروسها.
كانت تكره هذا الذهاب, فمنزل الشهبندر الفخم يعين بناته على التفاخر بغناهن وثرائهن وباقي زميلاتها لا يدخرن جهدا للتباهي عليها. هن لا يستطعن منازعة بنات الشهبندر الثلاث في ما يملكن فلا يجدن غير فلة المسكينة أقلهن شأنا لكي يغظنها ويتعالين عليها.
نظرت ببؤس لهذا الثوب الحريري الذي لا تستطيع ارتدائه للدرس لأن والدتها تقول لها : هذا أثمن أثوابك فادخريه لأثمن مناسباتك ولا تبليه في درس أو عمل.
تنهدت وهي تتناول الثوب القديم المصنوع من الكتان وتقول :أتمنى لو لم أذهب اليوم أو لو كان هذا الثوب مزينا باللولؤ.
سمعت هذا الصوت يقول لها : أيهما تختارين؟
نظرت خلفها في فزع فلم تجد شيئا. فقط أدواتها وملابسها وهذا الدورق الكبير.
تعلقت عيناها بالدورق وقالت : لابد أني أتوهم. على أي حال قبل أن أرحل فيجب أن أترك لهذا المسكين طعاما وشرابا. ترى ماذا تأكل الضفادع؟
وجدت الضفدع يفتح فمه ويقول لها : لا آكل شيئا. أرجوك لا تطعميني. أجلسني والدك في تلك الحجرة المظلمة شهورا لا يكف عن اطعامي. أنا لا أحتاج للطعام فهو يثقل لساني ويعجزني عن الحديث.
جمدتها المفاجئة للحظة ثم انحنت على الضفدع مبهورة وقالت : أنت تتكلم.
رد عليها : أتكلم وأرقص وأغني وكل ما تشائين. فأنا ضفدع سحري أستطيع فعل الكثير.
قالت بانفعال : يجب أن آخذك معي لصديقاتي. ستحترق قلوبهن من الغيرة عندما يرين ما أملك.
قال الضفدع : لا لا. إياك أن تفعلي هذا. لو ذهبت لهم فربما تفكر إحداهن في سرقتي.
صمتت ولم ترد رغم أنها تعرف صديقاتها جيدا وتدرك أن أياً منهن لن تفعل هذا الأمر.
قال الضفدع : وجدتك مهمومة وسمعتك تتمنين. لو طلبت مني شيئا فأنا أقدر أن أنفذه لك. فكما أخبرتك أنا ضفدع سحري أستطيع فعل الكثير.
صمتت قليلا وهي تفكر ثم قالت بحماس : امممممم حسناً أتمنى أن يكون ثوبي هذا مزينا باللؤلؤ مثل ثوب غيداء بنت الشهبندر.
رد الضفدع في أسف : لا أعرف ثوب بنت الشهبندر........... ولكن ربما يمكنك الاكتفاء بهذا؟
وسمعت الفتاة صوت فحيح ورأت ضوء ساطع فأغمضت عيناها وفتحتهما لتجد أمامها أروع ثوب يمكن أن تحلم به. كان جميلا أنيقا مزينا بفصوص رفيعة جدا فتمنحه بريقا كأنما يشع من القماش نفسه وعليه زخارف دقيقة لورود وزهور تضج بالحياة.
مدت فلة يدها تلمس الثوب فإذا به يعود لهيئته القديمة البالية
قال لها الضفدع : مهلا مهلا. أنت تطلبين وأنا أنفذ.......بثمن.
سألته متوجسة : أي ثمن هذا؟ أرجو ألا يكون شراً؟
ضحك الضفدع وقال : شراً؟ كلا كلا. من أنا لتظني في ظناً؟ أنا لا أطلب إلا أمور بسيطة ولا أفيد منها شيئا. إن هي إلا دروس تجعلك أقوى في الحياة الصعبة وتحمي سحري من أن يضيع.
قالت بلهفة : إذن فأرجع لي الثوب وسأمنحك ما تطلب.
قال لها : هذا عكس ما أطلب.
: ماذا تعني؟
: ما أطلبه هو ألا تمنحي شيئا. عليك أن تكوني فتاة قوية لا تضعف أمام من يخدعونك لتفقدي ما تحبينه لكي تحصل عليه زميلة أنانية جشعة. قولي لي ألم يحدث هذا معك؟
ردت بتردد : ذات مرة كان معي حبرا ذو لون بنفسجي جميل اشتراه والدي من دمشق فأخذت الفتيات يستعرنه مني حتى نفد.
قال الضفدع بدهشة : يستعرنه؟ هل استطعن رده؟
قالت ببطء : طبعا لا ولكن..........
قال لها : بنيتي! لا تكوني ضعيفة. إياك أن تمنحي شخصاً لا يحتاج شيئاً تحتاجينه. فأنت هكذا تدلليه وتفسديه وتخسري ما تملكيه, هذا درسي الأول لك. والآن إن أردت الثوب الزينة فما عليك إلا أن ترتدي ثوبك وستجديه قد أصبح رائعاً. لكن عليك ألا تمنحي أي شخص أي شيء وأنت ترتدينه. لو فعلت فسيعود في لمح البصر ثوبا قديماً مهلهلا تكرهه صديقاتك ولن أمنحك مثله أبداً
وعدته الفتاة متلهفة وارتدت الثوب ذو اللؤلؤ الجميل وخرجت متبخترة تثير غيظ صديقاتها.
خرجت فلة منتشية بانتصارها الذي أحرزته على الفتيات لتقابل سائلة عجوز :أيتها الشابة الغنية. لم أذق الطعام أياما. هلا أعطييتني مما أعطاك الله.
كادت فلة كعادتها تخرج لها قروشاً قليلة قبل أن تتذكر وعدها وتخاف على ثوبها الغالي فتجاهلت السائلة وهرعت للبيت.
ومضت ثلاثة أيام مرحت فيها فلة بثوبها حتى مللته وملت منه صديقاتها. ففكرت أن تطلب شيئا خر من الضفدع.
قل لي يا ضفدعي الأثير. ماذا يمكنك أن تفعل لي؟
رد عليها : أي شيء تطلبين. لكن كما تعلمين سأطلب مقابلا, فكل ما في هذه الحياة يجب أن يكون له مقابل.
قالت : وماذا تطلب؟
قال لها : ماذا تريدين أنت؟
ردت :أريد أن أكون ذات بهاء وسط قريناتي. غدا سأحضر عرسا وكل صديقاتي معي. لم يعد الثوب ذو اللؤلؤ يكفيني الآن فكل منهن ستثقل نفسها بالذهب والجوهر.
قال لها : ما رأيك في أن أجعلك فاتنة لا مثيل لها.
ردت بلهفة : حقا يمكنك أن تجعلني أجمل الجميلات؟
قال لها :ما تطلبين أنفذه. لكني سأجعلك فاتنة. لو جعلتك أجمل فسيتغير وجهك ولن يعرفك الناس بينما لو جعلتك أفتن الفاتنات فسيعرفونك ولكن عيونهن ستبهر بك فلا يقدرن على مواجهتك.
ردت بفرح طفولي : رائع رائع رااااااااائع. افعل فورا افعل فورا........
لكن ما هو طلبك.
رد عليها : هذا هو طلبي. ما فعلته الآن. أمرتني بلا نقاش. أريدك أن تعرفي قدرك ولا تنقصي من مقامك. هذا هو درسي الثاني لك. لا تقللي من شأنك وإلا فسيحقرك الناس. عليك ألا تنزلي عن المكانة الرفيعة التي وضعك جمالك فيها فلا تأبهين لكل من هم أقل شأناً منك.
قالت بتردد : ولكن زميلاتي بينهن من هي......
قاطعها : هل حدث وأن تكبرت إحداهن عليك؟
قالت : نعم ولكن......
قال لها : ولكنك لم تتركي صداقتهن. أنت لن تتكبري بل ستطالبين فقط بما يليق بمقامك الجديد. وهن لن يتركن صداقتك وإلا كن لا يستحققنها.
صمتت الفتاة قليلا قبل أن تقول : هلم فزيني لعرس الغد واجعلني فاتنة الفاتنات.
********************************
عادت فلة حزينة من العرس.
قد تعاملت معها أم العروس بجفاء. تلك الغبية الحقود. ما ذنبي إن كانت ابنتها قبيحة إلى جواري؟
أما بنات الشهبندر الثلاث فقد غرقن في اللؤم.
بل إن إحداهن قد سكبت العصير على الثوب الحريري الثمين فأفسدته.
تبا لهن.
غرقن في الضحك علي تلك الحقيرات.
انهن لا يستحققن صداقتي كما قال لي الصديق الوحيد الذي تبقى لي. ضفدعي الوردي
هرعت باكية إلى حجرتها وأخذت تشكو همها للضفدع.
قال لها الضفدع : هذا درسي الثالث لك. لا تبكي. لا تكوني خانعة. إن قبلت بظلمهن فسيزددن طغياناً. بدلا من البكاء عليك بالانتقام.
كفكفت عيونها وقد بدت لها تلك الفكرة شهية حقا.
وكيف انتقم منهم؟
قال الضفدع : هذا أمر بسيط. تمني لهن شيئا سيئا حقا وسأحققه لك.
كادت أن تقول : لكنهن سيتأذين. ثم صمتت لأنها أدركت أنها ترغب في إيذائهن. عليها فقط ألا تجعله أذى شديداً
حسناً يا ضفدعي أتمنى أن تمتلئ وجوههن ببثور حمراء كبيرة تجعلهن قبيحات
قال لها : سمعاً وطاعة. ولا أطلبك منك المزيد. فقط أن تردي على كل ضربة بأشد منها فلو لم يقف أمثالك لأمثالهن لفسدت الأرض.
وفي الصباح التالي خرجت فلة وهي سعيدة بأمنيتها.
لكنها عادت باكية للضفدع عند المساء.
لقد ضربنني. تمتعت كثيرا بالسخرية منهن فإذا بإحداهن تصفعني. وعندها صفعتها فجمعت جواريها لتشبعني ضرباً. يا ضفدعي أريد أن أكون قوية فأهزمهن جميعا.
حسنا حسنا يا فتاتي ولكن هناك الثمن.
ماذا تطلب يا ضفدعي الغالي.
قال لها الضفدع بهدوء. أمنية القوة ليست باليسيرة فهي تحتاج لإعداد خاص
قالت والحقد يغلي في دمها : ماذا تحتاج
قال لها : ليس الكثير. فقط أحتاج لخصلة من شعر والدتك.
ماذا؟ وكيف آتيك بها؟
رد عليها : هذا شأنك. أنا أحتاج لخصلة كبيرة طويلة من شعر أمك تؤخذ من جذورها. بإمكاني أن أصف لكي كيف تعدين مخدراً ينيمها فلا تشعر بأمرك.
وأعدت فلة شرابا منوما سقته لأمها أثناء العشاء واختلست شعراتها وهي نائمة.
عادت بها للضفدع فقال : هي لا تنفع. يجب أن تكون شعرات من جذورها تنزعينها بقوة.
ولكني لو فعلت يا ضفدع فستستيقظ أمي.
قال لها : القوة لا تأتي إلا بالقوة. وهذا درسي الرابع لكي.
وفي اليوم التالي فكرت قلة في أن تتعثر جوار أمها وتتعلق بشعرها فتقبض بضع خصلات.
لكنها تعثرت بينما أمها تعد الطعام فسكب الحساء الساخن عليها
صرخت الأم متألمة وصرخت أكثر إذ رأت فتاتها تتألم فسرعت تمحو عنها الحساء تبرده بالماء
لكن الماء لم يغرق هذا الوحش القبيح الذي خرج للحظة من صدر الفتاة فقالت لأمها كلاما مؤلما وتشاجرت معها حتة جذبت شعرها بقوة منتزعة الخصل وخرجت إلى حجرتها غاضبة .
لكن الندم تسلل لقلب الفتاة سريعا وأدركت أنها ارتكبت في حق أمها عقوقا.
ولما كانت قد فقدت صديقاتها فلم يعد من تستشيره سوى الضفدع.؟
ذهبت له وقالت : ماذا أفعل وكيف أرضي أمي؟ أي أمنية أحققها لها؟
قال لها : لإرضاء الناس لا تحتاجين لتحقيق الأمنيات. القلوب يمكن شراؤها دوما وخداعها أبدا. يمكنك أن تحققي لها أمرا تحتاجه فتكتم مرارتها منك وتعفو عنك خوفا على ضياع ما تملكين.
كانت كلماته مسمومة بلا عسل يغطيها هذه المرة لكنها مرت عليها كالبلسم الشافي فقالت : وماذا أفعل لأنال هذه القوة.
قال لها : المال. المال يصنع المعجزات. عليك أن تربحي مالا كثيرا فتخشى والدتك من فقده إذا أغضبتك.
قالت له : وكيف أحصل على المال.
قال لها : المال يصنع المال, هذا هو درسي الخامس لكي. عليك أن تذهبي لكيس نقود والدك الذي يخفيه في المخزن وتحضريه لي.
نزلت الفتاة مسرعة للمخزن ونقبت حتى وجدت نقود والدها التي يدخرها لرحلة الحج فاختلستها وأسرعت لتسكبها في دورق الضفدع جوار شعر أمها,
قال لها الضفدع أغمضي عينيك وافتحيهما.
فتحت عينيها لترى أكواما من الذهب. كلها ملكها.
قال لها الضفدع : تذكري النصيحة الأولى, لاتفرطي في مالك أبدا. والآن اذهبي واشتري كل ما في السوق من بضائع فلا تجد أمك ما تشتريه إلا منك.
وذهبت الفتاة فاشترت كل أقمشة السوق وعطوره وساقت الجمال وحدها بقوتها الكبيرة فإذا بفتنتها تلهب الرجال غثهم وطيبهم فتعرض لها من تعرض فنهرته وهجم عليها من هجم فآذته بقوتها وعادت لبيتها فأخفت البضائع فوق السطح وانتظرت أياما حتى تنفد بضائع أمها فتهرع للبحث لتأتي هي بالبضائع جزءا جزءا لا تخبرها من أين.
لكن الأب عاد أخيرا محملا بالبضائع الجديدة. وكان السوق قد جن بعد ان اختفت الأقمشة والعطور منه فاشتعلت الاسعار وربح الأب ربحا كبيرا.
وفي وجوده انكمشت الابنة خائفة. لكن فتنتها التي تركتها في السوق ظلت ظاهرة فأتى الخطاب يتدافعون على الأب.
لكن الفتاة رفضتهم بكبر واحدا تلو الآخر فأحس بعضهم بالمهانة وقرر الانتقام فقدموا شكوى للقاضي أن عبد الرحمن يحتكر بضائع السوق ليغلي ثمن ما اشتراه من رحلته وأن ابنته تملك مالا لا يعرف له مصدر.
وهجم الحرس على البيت فوجدوا البينة على الدعوى وسجن عبد الرحمن أياما ولم يتركوه حتى سلم لهم أغلب أمواله وأصبح أفقر مما كان. وأصبح مكروها من أهل المدينة
ويوم خرج من السجن أحست فلة بالكارثة
سيسألها عن مالها وأثوابها
وسيسألها عن المال الذي عندها والبضائع التي اشترنها
وهنا كعادتها أسرعت للضفدع تستشيره.
أريد أن أنجو من غضبة أبي فماذا أفعل
قال لها : تريدين النجاة فعليك بضرب من يريد أذاك قبل أن يضربك. كوني السباقة تكوني المنتصرة هذا هو درسي السادس لك.
وماذا أفعل؟ هذا والدي.
قال لها الضفدع: لا تؤذيه. فقط تمني أن يبتعد عنك كثيراُ

فتمنت الفتاة فإذا بريح عاصفة تأخذ والدها بعيدا بعيدا
وهنا قال لها الضفدع : هل نسيت شيئا؟
قالت : لا
قال لها :ثمن أمنيتك
قالت له : حسناً كما تريد
قال لها :أريد أن تتلين لي هذه التعويذة
فأمسكت بورقة ظهرت لها فجأة وبدأت تتلو بكلماتها
وهنا أظلمت الحجرة إلا من ضوء خافت يخرج من الضفدع الوردي.
وتفتت الدورق الزجاجي.
أما الضفدع فقد أخذ يكبر ويكبر وتحول لرجل عجوز أسود طويل يمسك بعصا قبيحة الشكل لها رأس كرأس القرد.
ضحك الرجل بسعادة وقال : أخيرا أصبحت حراً
نظرت له فلة بفزع وقالت : من أنت؟
قال لها :أنا ساحر عظيم كنت في بلدتي بالحبشة وثار علي الناس واقتحموا بيتي يبغون قتلي فحولت نفسي للضفدع لأنجو منهم وأخذت مع باقي متاع البيت للقاضي فباعوني للتجار واكتشف أمري تاجر حبشي ماكر فسخرني لخدمته وعندما اقتربت من السيطرة عليه وجعله يفك سحري تغلب علي مرة أخرى وأثقلني بتعويذة تجعلني آكل كل ما يوضع أمامي. وطالما كنت آكل فقد كنت لا أستطيع الحديث أو السحر لأن الأكل يثقل لساني.
ثم أتى والدك فأخفاني ونسيني حتى فقدت الوزن الذي يثقلني
وأتيت أنت فأردت أن تحرريني لكن كان يجب أن أضع في قلبك من الشر ما يكفي ليثقلك حتى لا تتغلبي علي كما فعل التاجر الحبشي.
والآن درسي السابع والأخير لكي: لا تثقي في السحر أبدا ولا تحبي الفتنة أبدا ةاعلمي أن لكل شيء جزاء وجزاءك أن أحولك لحجر.
وأشار نحوها بعصاه فتحولت لتمثال حجري.
قال شهريار : أقتلها؟
قالت شهرزاد : لا يا مولاي. وإنما جمدها لتصبح تمثالا حجريا. وعلم والدها بكارثتها فأراد إنقاذها وحينها سمع ب........
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
كوكوكوكوكوكوكووووووووووووو
===============================

حرب الخنادق (قصص عن الملل)

ألعن أنواع الحروب هي حرب الخنادق
فيها يبقى الجندي منتظرا في خندقه حتى تكتمل سيمفونية المدافع التي تهدم على كلا الجانبين الخنادق الأولى ثم يندفع الجندي ليعبر الساحة الممزقة تحت أمطار من نيرانه ونيران العدو لينزل لخندق العدو ويهاجم جنوده
أو يبقى في هذا الخندق الكئيب الخانق الممتلأ بالفئران حتى يأتي له جندي العدو المهاجم فيمزقه
لمدة طويلة ظلت هذه الطريقة اللعينة للقتال الممتلأة بالأهوال سائدة حتى هدمها القادة النازيون باعتمادهم على المدرعات السريعة التي تمزق الخنادق والحصون تمزيقا
لكنها اليوم عادت لمنزلي
بقرار صارم من زوجتي كان علينا استضافة أطفال العائلة كلهم تقريبا بينما يذهب الآخرون لرحلتهم المصيرية في دمياط لشراء الأثاث الجديد اللازم لزفاف شقيقتي على شقيق زوجتي
في البداية كنت سعيدا بهذه المصاهرة المزدوجة لكن الآن أصبحت الأمور صعبة جدا
فنحن لم ننجب وأقارب لكلا العروسين ولذا فإننا ضحية مناسبة جدا
فقد تخندق أطفال عائلتي في جهة وأطفال عائلة زوجتي في الأخرى وبدءوا في حرب استنزاف طويلة
استنزاف لأعصابي
معارك طوال اليوم تخلو من الدماء الا تلك التي تتدفق بعنف إلى رأسي
شجار بألفاظ كنت أستحي من مجرد سماعها وأنا شاب وإذا خاطبت أحدهم ونهرته رد ببرود "المستر في المدرسة بيقولهالنا. عادي يعني."
يدلع كلمة استاذ الى مستر بينما هو يأخذ عنه أقبح الألفاظ
ومن الصعب أن أقنعهم أن تلك الألفاظ العادي يعني عقوبتها الشرعية 80 جلدة!
فكرت في فكرة بديعة وهي الأغراء الذي لا يستطيع أي ولي أمر مقاومته
لأجبر (الأطفال) ولا أدري كيف يمكن وصفهم بهذه الصفة؟ على المذاكرة
وتقمست روح القائد النازي الصارم مستخدما الجملة الشهيرة "يا تنام يا تذاكر!"
في البداية أدت مفعولا سحريا
ثم تورطت في الأمر
فقد أكملت زوجتي خطة التهدئة بتوريطي في المذاكرة للأطفال
بعضهم اغبياء حقا ويحتاجون للإعادة مائة مرة
فيصاب الذين يمتلكون ذكاء الشياطين بالسأم ويبدأون في التمرد واللهو الذي سرعان ما يجذب الباقين لصفهم ولاأقمع الثورة إلا بالكثير من الشخط والزعيق حتى كدت أن أفقد صوتي
وفي النهاية انسحبت مستسلما بينما زوجتي تبتسم ابتسامة باردة وهي توزع الساندوتشات والحلوى عليهم لتظهر بصورة الملاك الطاهر في مقابل الشيطان الدموي الذي هو أنا.
أتفهم ما تفعله فهي تدرك جيدا أن كل شيطان آسف طفل من هؤلاء سيعود لإعطاء تقرير وافي ومفصل عن الأيام التي قضاها في الجبهة آسف منزلنا.
فكرت أن أترك لها الجمل بما حمل وأزوغ لأي مكان
لكني أدرك تبعات ها القرار جيدا فالسيدة الفاضلة حماتي ستقدم شكوى للأهل والأصدقاء والجيران والمعارف ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية لتركي زوجتي تتحمل كل هذا وحدها
بينما السيدة الفاضلة والدتي ستقوم بعمل جرد شامل لتتأكد أن الأطفال عادوا من عند حرمي المصونة بدون أن ينقصوا يدا او رجلا أو يصابوا بعضات مصاصي الدماء والمؤوبين ولن أنجح أبدا في إقناعها أن هذه الجروح تسبب بها الأطفال لبعضهم.
لم أجد ما أفعله سوى أن عزمتهم جميعا على خروجة للأهرامات
الأهرامات العظيمة التي وقف نابليون أمامها مبهورا.
الأهرامات الشامخة التي ارهقت عمالقة ريال مدريد لينهزموا أمام الأهلي.
توجهت بالقافلة نحو الأهرامات التي لم أزرها منذ كنت طفلا صغيرا وهناك تلقيت صدمة عمري.
ممنوع على المصريين الأقتراب من الأهرامات.
ماذا لكننا نحن من بناها ومن يحرسونها في بلادهم و.........
معلشي يا فندم دي أوامر لأن في ناس بتعمل حاجات وحشة وتقعد تتسلق الهرم وتشخبط على الأحجار
رجعت مفحوما صحيح انني أرفض حرمان المصري من هرمه لكن من ناحية اخرى علي أن أعترف أن في هذا اليوم بالذات لن أستطيع منع المشاغبين الذين معي من ارتكاب كل هذه المظاهر الغير حضارية.
ربما في يوم آخر كنت سأعترض وأحتج وأذهب للمسؤلين.
ربما.
أما الآن فكان علي البحث عن مكان( للفسحة) التي وعدت بها الأطفال.
لا آمن لحديقة الحيوان فهي متسعة ولن أستطيع السيطرة عليهم جميعا.
ذهبت لبرج القاهرة وتمشينا على النيل وأطعمتهم الذرة الساخنة وقليل من الحلوى واتضح لي أن الضحك على الأطفال ليس بهذه الصعوبة.
عدت للبيت منتصرا بعد أن مشينا من البرج حتى المنزل (مسافة ثلاثة أحياء) وأنا منهك لكن واثق من أنهم أكثر إنهاكا
واتضح لي أن معلوماتي عن تلك المخلوقات المرنة ضعيفة للغاية فهم يتعبون بسرعة شديدة لكنهم يستعيدون جهدهم بسرعة أكبر
وسرعان ما عادت حرب الخنادق لتشتعل بينما السأم يخنقني
أشعر أن الكون يطبق بأكمله على صدري وأن كلمة اتساع لا وجود لها في اللغة
ببساطة انا مخنووووووووووووووووق
ولا أجد ما أفعله سوى الصبر المؤلم جدا والممل جدا جدا
مضت الأيام ببطء حتى عادت كوكبة المنتصرين الذين هزموا التتر من تجار الأثاث وأجبروهم على النزول للسعر المطلوب
وبدأ كل واحد يستعيد طفله بعد ان يسمع التقارير الفورية التي تطوعوا بها قبل حتى أن يسألهم آبائهم
لكن حينما سمعت التقارير أحسست أن الأمر مختلف عن نظرتي السابقة.
ذهبوا للاهرامات وأنا كذلك. فرحوا في البرج الذي لم أزوره قبلا مشينا على النيل الذي نسكن قريبا منه لكننا نسمع عنه في الشعر فقط.
لم يكن الأمر سيئا إلى هذا الحد.
حتى معركة المذاكرة الفاشلة لقيت عليها تقدرا جميلا من الجميع. ولا أنكر أنني تمتعت بقدر من الحلوى التي صنعتها زوجتي لم أراه من قبل ولن أراه فيما بعد.
الشيء السيء الوحيد هو هذا الشعور بالفراغ الذي انتابني حينما رحل الأولاد واحدا تلو الآخر.
ياله من شعور ممل وبغيض.
حقا الأولاد نعمة تملأ عليك حياتك.
وتبادلت نظرة ذات مغزى مع زوجتي حملت الكثير والكثير
حملت قلقا وحزنا وحبا واحساسا بالفراغ وشيء من الغيرة وبعض الراحة

سأم (قصص عن الملل)

السأم
فتحت التلفزيون فوجدت برنامج سخيف (وكل برامج السياسة سخيفة)
قلبت بين القنوات المختلفة فتأكدت أنهم جميعا متفقين على أهمية هذا الحدث الغير مهم
قلت اتسلى في الجريدة قليلا
لكن مجرد رؤية الصفحة الأولى كلها حول هذا الأمر المكرر أطاحت بحماسي وجعلتني ألقيها بعيدا رغم أن اليوم هو الثلاثاء الذي يكتب فيه عدد من الصحفيين الذين احترمهم
لكنهم حتما سيكتبون في نفس الموضوع
هنا اتخذت قرارا لم أفكر فيه منذ زمن بعيييييييييييييييييييييد
لم اتصور أبدا أن يصل بي الحال إلى هذه الدرجة
لكن بالفعل لا أجد شيئا آخر أفعله وهناك إلحاح الوالدين المستمر كما أنني لا أدري فربما استفدت شيئا بدلا من الفراغ الذي أصابني
للأسف مضطر أذاكر
لا أفعلها أبدا إلا قبل الأمتحانات بتسعة وعشرين يوما (أقل من شهر)
أمسكت كتابا ونظرت لغلافه (لا لا ده حتى شكل الغلاف يصد النفس)
تناولت كتابا آخر (ياااااااااااااااه ده تقيل قوي هو انا هذاكر ولا ارفع اثقال)
نظرت للثالث وضغط على نفسي وقررت ان انظر فيه لأقرأ المحاضرة الوحيدة التي حضرتها من أول العام (ترى عم كانت؟)
فتحت الفهرست ونجحت في تذكر اسم الفصل (مسألة سهلة لأنه كان الفصل الأول) قلبت صفحات الكتاب ووصلت له و.............(ما هذه الورقة)
مددت يدي لأتناول تلك الورقة التي سقطت من الكتاب
ونظرت مبهوتا للكلمة التي كتبت عليه بالأحمر الفاقع وبخط من الحجم الهمايوني (هو ايه الهمايوني ده اظنه حاجة ليها علاقة بالخطوط)
كلمتين فقط
أحبك...لا تخزلني!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
من ؟
كيف؟
متى ؟ ايه الحكاية
(هو انا كنت رومانسي ومش واخد بالي؟ أنا كتبتها لمين؟)
تنبهت (يعني العربي بتاعي ضعيف بس مش للدرجة دي مش هاكتب لوحدة لا تخزلني هكتبها لا تخزلينني) .........................." تصحيح المؤلف تخذليني"
يا ترى هي مين اللي كتبتهالي
الحكاية من زمان
(يوم ما حضرت المحاضرة)
لكن يا ترى كيف هي الآن
ومن ةهي
هل اضعت على نفسي اول قصة حب بسبب الاهمال
ثم تذكرت خاطر مفزع
هناك فتاة انتحرت في الكلية بعد قصة حب فاشلة
هل اكون مسئولا عن اراقة دم انسان
كلا هذا مفزع
سأعيش بألم الضمير طول العمر
انا اشعر به الآن (لا صحيح ده بطني اللي وجعاني من التلت خمس سندوتشات اللي اكلتهم عند عم طرشي والبنت كانت في بكالوريوس صعب قوي تحب واحد في اولى)
ثم انا لست بهذا الجمال والروعة لدرجة ان تنحتر من اجلي
لكن ....................~أنا خذلتها دون قصد
ترى من كانت
كنت اشكو الملل الآن اشكو من رأسي الذي يدور بجنون
نظرت للورقة مرة اخرى وتنبهت لوجود كلمات صغيرة بالأزرق
(الحمدلله لسه فيه امل ان الواحد يلاقي جو يتفاخر بيه على الألاضيش اصحابه)
ثم ظللت متجمدا في مكاني لمدة نصف ساعة على الأقل

__________--
__________--
_________---
_________---
___________---
_____________-
___________--
-____________________--
____________________________
_____________________________
_______________________________________
________________________________________________
__________________________________________________________
_______________________________________________________________-
-
أحبك ..........................لا تخزلني










أنا نازلة لخالتك دلوقتي ذاكر المحاضرة ومتسبهاش لبكرة الأكل هتلاقيه في التلاجة ابقى سخنه
مع تحياتي. ماما

ارشيفي من دار ليلى قراءة في رواية فتاة من العدم



اخيرا تحصلت على شيء من اصدارات الدار
او للدقة على احد الاصدارات التي كنت (بنشن) على قرائ
تها
الرواية كمستوى عام جيدة جدا
مرهقة للعقل وانا احب الروايات التي ترهق عقلي
لكنها اصابتني بصداع وانا اكره الصداع
لم يحدث لي هذا من قبل
عادة عندما اقرأ شيء ممل أنام (حتى ظننت ان الحبر الذي تطبع منه كتب الكلية يحتوي على مخدر ما!)
وشيء مشوق انتعش
اما الصداع فقد كان جديدا عليّ
الرواية باختصار عن شاب مشهور غني مستهتر
يبدأ في التنقيب في أثار اخته التي ماتت قبل ان يولد وعمرها 5 سنوات
وهنا يكتشف حقائق مفزعة تزلزل حياته
الكارثة انه في اليوم التالي وجد حياته بكاملها اختفت!
نشئت حياة جديدة مكانها
وفي اليوم الذي يليه حياة ثالثة
وهكذا دواليك
حتى يصل البكل الى درجة من الاستسلام والتقبل لكل شيء
كل ما يقولونه عنه صحيح فهو لن يستطيعه مناقشته واقناعهم بغيره
يقاوم يهرب يحاول فعل اي شيء بلا جدوى
الى ان يصل للنهاية
النهاية مفاجئة لكنها ليست بعيدة عن ذهن القارئ منذ البداية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظات بسيطة
اولا شخصية البطل بها بعض التناقض
فهو في لحظة يببدو كشاب متدين في عائلة محافظة
وفي لحظة اخرى مدمن خمور وزير نساء
ثانيا هناك بعض التأثر بعدد من القصص والافلام الاجنبية
فيلم الجرس the ring المأخوذ عن فيلم يابانب (واليبانيون هم ملوك الرعب الغير متوجين) يشعر به القارئ بوضوح
الفكرة التي اعتمدت عليها النهاية (ولن احرقها) موجودة في الادب الامريكي
ثالثا
ألا
أن لا
وإلا
واللا
كلهم كتبوا ألا في كل المواضع
رابعا
كان هناك بعض التطويل
الاحداث تمر بدورة متكررة من الصعود والهبوط
ربما كان بعض الاختصار سيجدي نفعا للتخفيف عن القارئ
اهم جزء به تطويل هو القصص الجانبية عند الوسيط الروحاني
كانت بعيدة تماما عن الاحداث
وشاذة عن النسق العام للقصة
وطويلة اكثر من اللازم خاصة قرب النهاية عندما يتضاعف التشويق
الاسماء غريبة بعض الشيء (جبت منين حوراء دي)
لكن في المجمل القصة جيدة جدا واعجبتني
فقط لا انصح ان تقرأ في يوم واحد او خد معاها قرصين بارامول
بلاش اسبرين عشان بيتعب المعدة
biggrin.gif

أووووع (قصة قصيرة)



أووووووووووووووع!



ابتسامة متشفية لا مبرر لها علت وجه (صبري برعي) وهو ينظر لـ (إبراهيم جاد الله) وسط المعتقلين. أحس (إبراهيم) بالغيظ. ف(صبري) هو سبب المصيبة التي وقع فيها. عندما وقع الإنقلاب انشغل صبري في مواجهته بينما تولى (إبراهيم) بشهامة حماية زوجة جاره وإيصالها آمنة للمستشفى لكي تلد. وعندما حاول العودة لداره لم يدرك أثناء انشغاله بزوجة (صبري) أن حظر التجول بدأ فسقط في الإعتقال جنبا إلى جنب مع مدبري الإنقلاب الفاشل.
حاول أن يشرح موقفه, وأن يستشهد ب(صبري) لكن الأخير استنذل معه بأقصى درجات النذالة! فمن ناحية خشي أن يقال أنه يعرف أحد المتمردين ومن ناحية أخرى كان حانقا لأن زوجته سمت وليدها (إبراهيم) بدلا من (برعي)!
وبقى (إبراهيم) المسكين يرتجف كورقة شجر يابسة وسط إعصار جامح! كان أصوات الآهات والصراخ الآتي من بعيد ممن يتعرضون للتعذيب تهزه هزا وهو الذي كان يفتخر دوما ببرود أعصابه ورباطة جأشه, لولا رباطة الجأش اللعينة هذه لما جرؤ أن يخرج مع جارته ولتركها تموت في شقتها!
جلس على الأرض محاولا الابتعاد عن برك المياه المشبوهة في الحجرة الضيقة التي تكدسوا فيها فمن يدري ماذا يمكن أن يكون مصدرها وسط هذا الرعب! ثم انتفض واقفا عندما فتح باب الجحيم ودخلت الزبانية –عفوا- باب الزنزانة ودخل المحققين ينتقون بعض الفرائس المكتوبة أسماؤها في ورقة خاصة ثم جروهم للخرج جرا وأغلقوا البوابة خلفهم تاركين الأفكار السوداء تحلق في أذهان البقية.
حاول (إبراهيم) التماسك لكن شعلة الرعب أمسكت في مشاعره فأضرمت نارا لا تنطفئ! كلما حاول أن يلقي عليها ببعض من نصائحه التي طالما لقنها لتلاميذه في الشطرنج حتى ازدادت توهجا وفككت أوصاله!
ثم فتح باب الزنزانة مرة أخرى ووقف (صبري) ورجل آخر يمسك بالورقة ويهتف "(حسنين رأفت)! أين (حسنين رأفت)!"
لم يرد أحد, حتى لو كان (حسنين) هذا موجودا فلن يرد!
قال (صبري) بضيق "ماذا نفعل الآن؟ عجرف بك ينتظر عشرة متهمين وليس تسعة فقط؟"
"اسمي (إبراهيم) وليس حسنين!"
لم يبال الرجل الآخر بتوسل إبراهيم وهو يجره من وسط المعتقلين وقال "أنت جامد وجسدك يتحمل!"
نظر (صبري) بفزع وقال محاولا إنقاذ جاره "لكن يا سيدي هو بالفعل.........."
لم يكمل لأن سيده هذا نظر له نظرة مستهترة. كانت محاولة إنقاذ (صبري) له أشد إفزاعا من أن يلاطفه ملك الموت! أي مصير مظلم كان ينتظر (حسنين) هذا!
أخذ (إبراهيم) يصرخ وهم يجرونه "اخرج يا جبان! (حسنين) يا زفت! (حسنين) يا ابن (رأفت) يا نتن! اخرج أيها الحقير! اخرج وكن رجلا! يا ابن الـ............"
ويبدو أن السيد (رأفت) والد (حسنين) كان عزيزا عند أحد أصحاب الشوم الذي حطم أسنان (إبراهيم) وجعله ينقاد معهم بسلاسة وأدب.


وأتوا به لحجرة بها تسعة معتقلين وقف وسطهم ضابط مهيب يعيد إحصاءهم فاندفع إبراهيم متوسلا عند قدميه وهو يقول "لست (حسنين)! لست (حسنين)! أنا (إبراهيم) وهاهي بطاقتي!"
ربت الضابط على كتفيه وهو يتناول البطاقة ويقول "اهدأ اهدأ! هذا خطأ بسيط أليس كذلك؟"
ثم فتح البطاقة وقال "اسمك (إبراهيم جاد الله)؟"
هز (إبراهيم) رأسه أن نعم.
أمسك الضابط بورقة المتهمين العشرة فشطب على (حسنين رأفت) وكتب على رأسها (إبراهيم جاد الله)!
ثم خرج الجنود تاركين المعتقلين العشرة معا, فاقترب أحدهم من (إبراهيم) وقال "لا تجزع يا أخي واطمئن. لو احتفظت بهدوء أعصابك وصلابة إيمانك فلن ينتزعوا منك شيئا وستخرج سالما. أهم شيء أن تكون هادئا وصلبا وسريع الإجابة."
نظر له (إبراهيم) بعين دامعة, كانت تلك أول كلمة مطمئنة يسمعها منذ وقت طويل ولذلك ورغم أنه لم يصدقها فقد هدأت من روعه بعض الشيء.
وقال (إبراهيم) لمحدثه "ليس لي ذنب, كنت في المستشفى حيث تلد زوجة جاري أساعدها في محنتها ولم أعلم بحدوث الإنقلاب أصلا ولا بأمر حظر التجول."
قال الرجل "لا بأس لا بأس! أقدار وابتلاءات ستخرج منها سالما, واحمد الله أنك هنا ففي العاصمة يتولى (عجرف) بك استجواب المعتقلين بنفسه! قضا أخف من قضا!"
شحب وجه (إبراهيم) بشدة وقال "من هو (عجرف) هذا؟"
قال الرجل بتوتر "دعك منه, إنه وحش مفزع يخيفون به أطفال المعتقلات!"
قال (إبراهيم) "لكنهم قالوا لي أن العشرة الذين كان منهم (حسنين) زفت (رأفت) سيستجوبهم (عجرف) بك!"
نظر التسعة الباقون (لإبراهيم) بذعر وقال واحد منهم في ركن الغرفة "يا أخي كن فأل خير أو اصمت!"
قال (إبراهيم) بارتياع "من هو (عجرف) هذا؟ أرجوكم اخبروني!"
هنا دخل أحد الجنود ممسكا بالورقة ونادى على الاسم الذي أصبح موجودا على رأسها "إبراهيم جاد الله!"
انكمش التسعة الآخرين مبتعدين عن (إبراهيم) كأنه سيلعنهم! فاتجه الجنود نحوه من فورهم وجروه إلى داخل حجرة مربعة عارية من الأثاث إلا منضدة وكرسيين يجلس عليهما المحقق (عجرف) بك والكاتب.
أغلقوا الباب خلفه وأحس (إبراهيم) أنهم يغلقون به كل أبواب الأمل ونظر له (عجرف) بعينيين ناريتين! كان شكله مهيبا جدا ومخيفا جدا حتى أنه ظهر في عين (إبراهيم) كشيطان مريد أو وحش مخيف, مثل هذا لا يمكن أن يكون بشرا من لحم ودم!


بدأ عجرف بالأسئلة العادية "اسمك وسنك ووظيفتك وعنوانك."
"إإإإإ.......إبراااااههههههييييييييم جاد الله."
وسكت, كانت حالته متدهورة بشدة, لقد تعرض خلال اليومين الماضيين لدرجات متصاعدة من الإرهاب والتخويف وأصبحت أشنع المصائر تراوده فتشل لسانه.
نظر له (عجرف) بصبر فارغ وهتف "اسمك وسنك ووظيفتك يا متمرد."
"لسسسسسسسسسسسسسسست متمررررررررررررررررررررردا يا سيااااااااااادتتتتتتتتتك!"
لو تركوه فقط لخمس دقائق في صفاء ذهني لاستعاد هدوء أعصابه. لنجح في أن ينفذ نصيحة هذا المعتقل الآخر وكانت إجاباته ستكون سريعة وحاضرة. خمس دقائق من الهدوء فحسب.
لكن قبضة عجرف هوت على المكتب بعنف وصرخ في (إبراهيم) يكرر أسئلته. كانت جلسة تحقيق مخيفة حقا, لم يتصور في أسوأ كوابيسه أن يقف عاجزا منهكا وذئب ضاري يدور حوله وينهض ويصفع ويعصف ويصر على اسنانه بصوت كتكسير العظام. كان (عجرف) دوامة سوداء تبتلعه وتخرجه من هذا العالم ببطء, نصف ساعة ليس إلا لكنها مرت عليه كدهور طويلة. كان حتى عاجزا عن الرد على أبسط الأسئلة. ذهنه يعد الإجابة فورا لكن لسانه يخشى نطقها. نصف ساعة من عذاب أشد وطأة من الكرابيج. نصف ساعة من الرعب الكامل قبل أن تأتي الأووووووووووووع!


في البداية تصور (إبراهيم) أن الصوت آت من بطنه الخاوية ولم يهتم. لكنه لمح تلك النظرة القلقة التي ألقاها (عجرف) عليه وعلى الكاتب فأضاء الفهم في ذهنه بغتة! مسألة فيسيولوجية طبيعية للغاية لكن هذا الوحش الذي استغنى عن انسانيته يعتبر أن قطعه لجلسة التحقيق لدخول دورة المياه ينقص من كرامته! الآن أصبح نهوضه للسير والدوران حول إبراهيم له معنى آخر. الأسنان التي تجز وتصر لها معنى آخر! عجرف استغنى عن بشريته وهاهي البشرية ترد له الصاع!
تغيرت قواعد اللعبة بسرعة عجيبة, لقد أصبح (لإبراهيم) يد عليا, الآن هذا (العجرف) سيعرف معنى الذل! لن يتركه لينهي التحقيق معه بسهولة, لقد أصبح (إبراهيم) أكثر سادية مما كان يتصور! وسيستخدم ورقة الإسهال الذي أصاب (عجرف) بأشنع الطرق!
قال (عجرف) "ما علاقتك بما حدث يوم الخميس من تمرد؟"
(إبراهيم) يصمت لمدة ثم يقول "همممممم, دعني أفكر,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, هل تقصد علاقتي بمعنى علاقتي أم بمعنى مشاركتي؟ فهو حادث يمس الوطن كله وكل مواطن يتعلق بما يحدث على أرضنا............................."
يصرخ (عجرف) مهددا لكن النغمة في صوته بدت (لإبراهيم) متوسلة, آه! كم تبدلت الأدوار! لن أتركك تفلت أيها الحقير حتى أذلك!
وعندما أتت الأووووووووووووووع الثالثة وتسربت بعض الغازات الخانقة من سجنها المتوتر أصدر (عجرف) أول قرار إفراج في حياته!


تمت بحمد الله
محمد الدواخلي
12/2/2007 5 صفر 1429

ارشيفي من دار ليلى قصة قصيرة: نؤيد ونبايع


نؤيد ونبايع!


يبتسم أو يوهم نفسه بأنه يبتسم قبل أن يتناول أوراق الأخ المواطن فيتفحصها بمنتهى التمعن رغم أن خمسة موظفين آخرين سبقوه في دراستها. الأوراق سليمة نعم لكن ماذا يحدث لو...........؟
يسأل الأستاذ خميس نفسه هذا السؤال عشرات المرات, إن نظرية "من لا يعمل لا يخطئ فيترقى سريعا" شائعة عند الموظفين. لا أحد يحاسبك أو يكافئك على ما أنجزت لكن السكاكين مشهرة لك دوما لو أخطئت.
يرفع وجهه للمواطن ويقول "لو سمحت قرب المصباح من هذا التوقيع!"
طلب يبدو غريبا لكنه أصبح معتادا في حياة الأستاذ خميس التي انقلبت على أعقابها منذ الانتخابات الأخيرة, لم يكن الأستاذ خميس سياسيا أو مهتما بالسياسة لكنه القدر!
بدأ الأمر مع ترشيح الحزب الواحد لمرشحه الوحيد للمنصب الكبير. لم يهتم كثير الأستاذ خميس فلو طلبوا منه أن ينتخب فسيفعل ولو طلبوا منه ألا يفعل فسيستغل فرصة الإجازة لكي يزور خالته العجوز في البلد.
لكن مدير الإدارة أتاه بنفسه في مكتبه قبيل الانتخابات! ارتجف خميس عندما رآه يدخل المكتب ويذهب لشباكه المطل على الميدان الكبير وللظة توهم أن تأنيب الضمير سيجعل المدير يلقي بنفسه من مكتبه وتكون فضيحة! لكن المدير التفت لمرافق دخل خلفه وقال "من هنا, المكان مطل على الميدان."
لم يفهم خميس ما قاله في البداية لكنه فوجئ بالمدير يطالبه (بتبرع) لعمل لافتة تأييد للسيد المرشح الوحيد من أبناء المصلحة.
دفعها خميس صاغرا وهو يصك أسنانه غيظا ويقول لنفسه "لا بأس, لنستغني عن درس الفزياء هذا الشهر, يعني الولد كان هيفلح ويطلع زويل!"


وكان يوما مهيبا عندما أتت اللافتة العملاقة 5x8 متر ووضعت على واجهة المبنى أمام نافذة مكتب الأستاذ خميس ليطالعه الوجه المعكوس لسيادة المرشح كل يوم ويذكره برسوب ابنه في الفزياء والمرتب المأسوف عليه!
ثم ـى يوم الانتخابات الذي كان أجازة جميلة قضاها الأستاذ خميس مع أولاده في حديقة الحيوان يراقبون القرود التي تقلد كل ما يفعلونه مقابل حفنة من السوداني! وعاد السيد خميس في يوم إعلان النتيجة لعمله ليجد المدير يجمع (تبرعات) قهرية لعمل لافتة مضيئة كبيرة تبارك للزعيم الجديد.
ولكنه نجا منه بأعجوبة واعتصم مع حافظة نقوده الهزيلة في الحمّام حتى انتهت التبرعات بانتهاء اليوم. وعاد لمنزله فرحا لا يشغله سوى أكوام الطلبات التي سيضطر للتدقيق فيها بعد تراكمها أمام مكتبه 3 أيام دون عمل.
وعندما عاد وجد لافتة فنية ضخمة جميلة حقا من آلاف المصابيح تزين واجهة الميدان بكلمة مبروك فنظر لها بإعجاب وفخر (بما أنه من موظفي هذه المصلحة!) ودخل لمكتبه ليفاجئ أن مصباح المكتب انتزع بدواته وأسلاكه لينضم لتلك اللافتة! وتركوا له ثقب قبيح في سقف الحجرة يبرز منه قطعة سلك عارية منذرة بالشر تذكره بعاقبة من يتخلفون عن جمع التبرعات!
في البداية لم يهتم كثيرا. فأضواء لافتة التهنئة تضيء كل شبر في المكتب وشمس الصيف القوية تخترق القماش الفاخر للافتة نؤيد ونبايع وعلى أي حال فلا داع للإسراف في استخدام الكهرباء في عز الظهر!
لكن مع مرور الوقت تهاوت مصابيح لافتة مبروك الواحد تلو الآخر (أغلبها في ظروف غامضة!) بينما تجمعت عوادم السيارات والسناج والهباب على لوحة نؤيد ونبايع التي تغلق نافذة مكتب الأستاذ خميس فأصبحت معتمة لا تقدر شمس الشتاء الضعيفة (ولا حتى الصيف) أن تخترقها. وهنا قدم الأستاذ خميس طلبا بإصلاح مصباح المكتب فتم فتح ثلاثة تحقيقات قبل البت في الطلب (الأول من المسئول عن هذا التخريب والثاني أين بددت العهدة المتمثلة في مصباح ودواية و20سم سلك وأخيرا لماذا تقاعس الأستاذ خميس عن الإبلاغ عن الحادث في وقته!)
وقد استغرقت التحقيقات وقتا طويلا جدا ولم تنتهي حتى الآن ولا يستطيع الأستاذ خميس نظرا لوضعه الحرج في تلك التحقيقات أن يقوم بالإصلاح على نفقته (المحدودة أصلا) وإلا سيكون كمن يقدم دليل إدانته بيده فالإعتراف سيد الأدلة!


وهكذا تغيرت حياة الأستاذ خميس بفضل الانتخابات. أصبح يرتدي نظارة سميكة بعد أن كان يفخر بالستة على ستة. أصبح يعيش في حجرة مظلمة مغلقة بعد أن كان يطل على أكبر ميادين العاصمة. أصبح يطلب إتاوة من المواطنين تتمثل في مصباح كشاف يمسكه له حتى يفحص الطلب ثم يعيده له حتى لا تحتسب رشوة!
لكن كان هناك هذا المواطن السمج الذي لا يقدر الظروف! تصوروا أنه غضب من الأستاذ خميس حينما طلب منه كشاف يقرأ الطلب على ضوءه! بل تجاسر وطلب إزالة تلك اللوحة المسودة من أمام النافذة! لوحة نؤيد ونبايع يتم إزالتها! ياللهول!
ودار شجار عنيف بين المدير الذي لم يقبل بالمساس بلوحة السيد الزعيم واتهم المواطن بالخيانة العظمى, وبين الأستاذ خميس الذي أفزعه الاتهام وأخذ يدعي على هذا المواطن الذي سيخرب بيته! وإذا بالمواطن يغضب من الإتهام ويخرج ولاعة السجائر وينتزع ممزقا جزءا من اللافتة (حرف الدال من نؤيد مع جزء من قصة الشعر!) ويشعل فيه النار هاتفا "لتفحص طلبي الآن على ضوءها!"
لكن القماش المغطى بأكوام الهباب اشتعل في يده بسرعة مذهلة وسرعان ما لسع يده فألقى بقطعة القماش خارج النافذة لتشتعل نؤيد ونبايع بأكملها في لحظات!
لم تكن الخسائر كبيرة فحسن الحظ هوت اللوحة في الطريق بعيدا عن النوافذ. لكن المحطة الدرامية التالية في حياة خميس التي غيرتها السياسة اشتعلت!
جريدة من الجرائد الصفراء كتبت مانشيتا مخيفا : مواطنون يتظاهرون ويحرقون صورة عملاقة للزعيم احتجاجا على سوء الإدارة والحكم!
ووجد السيد خميس والمواطن المتأفف والمدير أنفسهم أمام سيادة اللواء رئيس مباحث إدارة (أنت معانا ولا مع التانيين)
أخذ الجبناء الثلاثة يستغفرون ويبدون الندم, ووجد رئيس مباحث أنت معانا ولا مع التانيين نفسه في مأزق. فلو عاقب الثلاثة فسيعتبر إعترافا بحدوث مظاهرة ويعاقب على تقصيره. ولو تركهم وقبل حكايتهم فستستغلها صحف المعارضة للحديث عن قيامه بتعذيبهم ليزعموا أن الأمر حادث بسيط.
وهنا قرر أن يأتي بالحل الثالث, والآن من يعبر الميدان وينظر ناحية المصلحة فسيجد لافتة ضخمة 8x 11 متر تؤيد وتبايع السيد الزعيم من قماش فاخر مضاد للحريق.
وربما يلفت نظرك كلمة (هو في قلبنا ونحن في قلبه) ومكان القلب في صورة الزعيم مفرغ والأستاذ خميس يطل برأسه منه لاستنشاق هواء الميدان الملوث!


تمت بحمد الله
محمد الدواخلي
12/2/2007 5 صفر 1429