الثلاثاء، 27 مايو 2008

الطريق إلي جهنم مفروش بالنوايا الحسنه


Nayagan
நாயகன்
مبدئيا الفيلم ليس سياسي او يعالج قضيه سياسيه صريحه او شائكه كبقية الأفلام السياسيه الشهيره في السنيما الهنديه.. لكن له قصة اجتماعيه محورها شخصيه سياسيه على مستوى المحيط التي تتعامل معه، شخصيه اتخذت مبدأ معين صار سياستها التي تتعامل بها بعد ذلك. تخيل قصه الاب الروحي بروح هنديه مع خليط من قصه حقيقيه لشخص عاش فعلا في بومباي يدعي Varadarajan Mudaliar و نفحه من خيال و قلم ماني رتنام ********************
عن قصة الفيلم و الشخصيه الرئيسيه فيه فيلو نايجان ..طفل تاميلي والده احد رؤساء النقابات العماليه المطالبه بحقوقها و المنطقي ان الشخصيات مثل هذه عمرها قصير جدا لأسباب سياسيه و قهريه .. الطفل الصغير انتقم لموت والده و ارتكب اول جريمه في حياته بقتل الضابط قاتل والده و بعدها التسلل لأحد القطارات المتجهه لبومباي .. المدينه الكبيره جدا علي قلب طفل صغير ..يلتقطه طفل اخر من مجتمع عشوائيات يحيا به تجمع من الهنود ذوي الاصول التاميليه في مثال يذكرك بقهوة الصعايده في مصر. و هي نغمه سائده جدا في كل أفلام السنيمات الجنوبيه سواء تاميل او تيلوج او ملايالم..الخ :الاختلاف
نحن مختلفين عنهم..لسنا مثلهم .. لسنا كناطقي الهنديه الأوغاد في اغلب الوقت
و إتباعا لأسلوب حشد القضايا الشهير الذي تشتهر به السنيما الهنديه نجد فيلو الهندوسي يحيا مع اسره تاميليه مسلمه تربيه كأبنها و هو اسلوب شائع جدا لبيان العلاقات الهندوسيه – المسلمه الجميله و التوافق و التجانس الاجتماعي الذي تنعم به الهند بين اتباع الديانات المختلفه.
المهم ان الاب المسلم يعمل في تهريب البضائع ذات الجمارك الغاليه كالأدويه و غيرها و بالتالي يعمل فيلو معه
و في حوار بين فيلو و الاب يسأله فيه فيلو: انت تصلي و تصوم و تقرأ القرآن و تذهب للمسجد فكيف ترتكب معصيه و جريمه التهريب
الاب :لكني اساعد الناس ... و كل ما يخدم الناس ليس بمعصيهجمله لو علم الاب انها ستشكل مصير و حياه هذا الطفل و حياه كثيرين غيره ربما لما قالها اصلا
و ربما لو عرف ان الطريق لجهنم مفروش بالنوايا الحسنه لما قالها ابدا ، لو علم انها المبدأ السياسي الذي نطقه في لحظه سذاجه و سنّه للفتى ليسير عليه بقيه عمره و لتسبب مآسيه كلها..لما نطقها ابدا
يكبرالفتي و يشب و يصلب عوده و يذهب في احد المرات بدلا من والده الرافض لعمله في التهريب قائلا له دع معصيتي تموت معي .. لكن الفتي يبالغ في طلب اجر ما قام به لتغلبه علي بعض رجال الجمارك بخدعه ذكيه النتيجه ان يرد احد رجال الشرطه المتواطئين بقتل الاب .هنا و هنا فقط تبدأ الامور في التحرك بمنحني اخر في شخصيه الفتي .. يقتل الضابط علي رؤوس الاشهاد و يرفض السكان الذين عانوا من هذا الضابط الامرين الشهاده ضده و يقيد الحادث ضد مجهول .. و نري بعد ذلك موقف اخر يسهم في تغيير شخصيته .. بعدما تباع ارض الحكر العشوائي الذي يعيشون فيه لبناء مصنع فيجمه اهالي المنطقه و في هجوم منظم يقومون بتحطيم كل ذره و شبر في منزل صاحب الارض الراشي لمسئولي الحكومه . و كيف تطور عمله حتي صار ابا روحيا لسكان هذه المنطقه يسعون اليه لحل مشاكلهم المستعصيه ..و في خلاف علي السيطره مع بعض العصابات الاخري و مع اقتباس صريح من فيلم الاب الروحي تقتل زوجته و يسعي للأنتقام بأسلوب يشابه الي حد كبير الفيلم الامريكي.تمر سنوات اخري و نجد الرجل قد شاب شعره و ابنه يسعي ان يصبح مثله و هو رافض لذلك نفس الرفض الذي رفضه مربيه العجوز المسلم عندما قال له دع معصيتي تموت معي. يقتل الابن في احد المهام و تهرب الابنه بعيدا و لا يجد جواره سوي صديقه العجوز و الابن المعاق ذهنيا لضابط الشرطه الذي قتله في البدايه و تولاه بالتربيه و الانفاق عليه ثم جعله ساعدا ايمن له.بعد سلسله من الحوادث و المحاولات من الشرطه للقبض عليه و مناوشات الاهالي مع الشرطه يسلم العجوز نفسه و بالطبع يرفض الجميع الشهاده ضده رغم الحاح مفتش الشرطه الجديد في المدينه علي الجميع و منهم ارمله الضابط الفاسد و ام الفتي المعاق ذهنيا و التي رغم معرفتها بأنه قتل زوجها الا انها تعترف بأنه من منح ولدها حياه جديده.منطقي ان رفضت المحكمه القضيه لعدم كفايه الادله .. لكن تنتهي حياه هذا الشخص برصاصه صائبه اطلقها الفتي المعاق ذهنيا .. انتقاما لوالده الذي لم يكد يعرفه!!!!
*********************************
هناك مشاهد راااااائعه في الفيلم ..كأداء تمثيلي و حوار مثلا مشهد الابنه المعترضه علي اباها والتي تسأله كيف يقوم بكل هذا بضمير مرتاح فيخبرها انه يفعل ما يراه صوابا فتصفع مساعده و صديقه العجوز .. فيرد اباها بضربها فتسأله لم فعلت هذا؟؟
فيقول لها لأنك اخطأتً .. فترد قائله لكني فعلت ما اراه صوابا !!!
مشهد ابنته الطفله و هي تسأله يقولون انك من تسبب بقتل امي فهل هذا صحيح و تظل ملتصقه بشباك القطار منتظره الاجابه و تلح عليها و القطار يبتعد مع و جه الاب المتبلد و عيونه الممتلئه بدموع لم تهطل
مشهد اخر في نهايه الفيلم عندما يسأل الحفيد جده العجوز لم تقبض الشرطه عليك ؟ أأنت طيب ام شرير
براءه الاطفال التي تحول كل ما بالحياه لأبيض او اسود بدون اي درجات للون الرمادي
و يرد الجد في حيره : لا اعرف
ما بين سؤال الحفيد و رد الجد اربع ثوان من الصمت مر فيهم الف نعم و الف لا علي وجه العجوز لينتهي الامر بتعبير حيره يتجلي في رده بلا اعرف.
مشهد جمع ما بين فيلو و زوج ابنته ضابط الشرطه الذي يطارده وسؤال ضابط الشرطه له : لما يحبك الجميع هكذا ..قد رأيت اناسا يشعلون النار في انفسهم دفاعا عنك.. اانت ملاك ام شيطان؟ سألتهم جميعا عليك و كل ما وجدت انك مثلي تماما لكنك بدون زي رسمي
كل هذا و بطلنا جالس يستمع له بعدم فهم ليقول له في النهايه : انا رجل جاهل لا افقه شيئا مما قلت لكني ظننت انني اساعد الناس بما اقدر
اجمل ما بالفيلم من وجهه نظري اداء ابطاله مع الاسف لا اعرف من اسمائهم سوا اسم بطل الرئيسي كمال حسن ..ممثل قدير يليه السيناريو المتماسك جدااااا بدون اي قصص جانبيه و مركز تماما في هدفه هو اتباع تفاصيل حياه فيلو نايجان ..و الاغراق الرهيب في المحليه الهنديه علي عكس كل اقتباسات الاب الروحي السابقه في كل سنيمات العالم و التي مالت كلها للغربيه .. الا هذا فهو هندي تماما الفيلم يعرض الهند كحقيقه و ليس حلم كما في بقيه الافلام الهنديه المعروفه ..فتري الحكر العشوائي بكل قذارته و الاوحال التي تغطيه و تري ابطال هنا اشخاص عاديون و لا يوجد بينهم بطلات فاتنات يرتدين الساري الحرير و يغنين فوق تلال خضراء .حتي الاغاني نفسها كلها في اماكن الحدث بدون اي اغاني تخيليه و واعترف بعدم اقتناعي بها كلها الا واحده تتردد في خلفيات المشاهد و تتحدث عن الغزال الابيض البرئ و الذي تلوثت دماءه و اغتيلت برائته فمن فعلها.. غير ذلك الموسيقي التصويريه لملحنهاIlaiyaraaja نفسها جميله جدا و ملاءمه لغالبيه المشاهد اجمل ما بالفيلم ايضا .. الجدل الذي يترك عقل المشاهد فيه ..فهل هذا شخص سئ ام حسن ؟؟؟ هو ساعد الجميع .. لكنه خالف القانون هو من حمل هموم الناس لكن مقابل اذي اخرين .. ربما الاخرين لم يكونوا بالاخيار لكن من نصبه حكما ؟؟ لكن الحكم يتاجل في اي محكمه ..
فالشخصيه المحوريه هنا و هي فيلو يبدو كحاكم او رئيس دوله صغيره مكونها حي شعبي صغير هو حاكمه و الآمر الناهي فيه.. يحكمه باسلوبه و ما فيه من رخاء لشعبه كما يرى هو ، حتى لو كان هذا الحكم يتعرض بالسوء للأخرين. لديه تعريفه الشخصي للصواب و الخطا و لا يوجد لديه منطقه رماديه في الوسط بينهما فمع شخصيه كشخصيته نرى الامور تجري بمنظور طفولي غريب لشخصيه كهذه فهو لا يرى سوا الخير او الشر لكن لا يرى النفس الانسانيه العاديه بكل مساوئها و بالتالي يطبق عدالته بنفس المنظور .. لكل طبيعه خطأ عقاب معين و في الغالب عقابه هذا اما من التعذيب او القتل.
من ناحية هو الاب لجميع شعبه و من ناحية اخرى هو الشرير القاتل الذي يتم اطفال الاخرين. لكن هل كان الاخرين اخيارا ً ؟
من نصبه حكما لذلك؟
جدل يظل فيه عقل المشاهد طوال مشاهدته للفيلم و ما بعده و لن يخرج منه سوى بنسيانه..لكن مع الاسف لن ينساه.

*****************************

الأحد، 4 مايو 2008

أنور: العشاق لا يبالون بالحب

أنور: والعشاق لا يبالون بالحب


إنها مباغتة حقيقية للمشاهد!


أعني أن بداية فيلم كهذه ستجبر الأغلبية الساحقة من المشاهدين على متابعة الفيلم ليعرفوا ماذا سيحدث!
لن يهتموا بكونه فيلم هندي أو فرنسي أو حتى ينتمي لسينما أفريقيا الوسطى فالآن الحدث هو ملك اللعبة على رأي رفعت اسماعيل!
ترى شاب يركب في حافلة ويبدو عليه الضيق فينزل منها في مكان مهجور, تمطر السماء يدخل معبد هندوسي مهجور ليحتمي به وينام ليستيقظ
على مكبرات الصوت: استسلم يا إرهابي المكان كله محاصر!!!!!!!!!!
آه نسيت ......... الشاب مسلم!
طبعا الصورة واضحة الآن
ولهذه البداية القوية جدا ولغيرها مما سأعرفكم به فإن هذا الفيلم يستحق أن يكون رائعة سينمائية عابرة للأجناس والقارات
إنه فيلم أنور Anwar 2007))






بداية أنا لست من هواة الرومانسية وأعتقد أن أغلب من تابعوني في أي منتدى قرأ مني هذه العبارة عدة مرات.


وأنور فيلم يكاد ينفجر بالرومانسية, لكنها ليست كأي رومانسية إنها الحب ضيق الأفق حتى أن العشاق لا يبالون به! والفيلم يمزج الحب بالسياسة بمشاكل المجتمع مزجا حقيقيا وليس نظام الخلطة السحرية وحشد البهارات المعتاد في أغلب الأفلام الهندية, كل الخيوط تؤدي معا لنهاية واحدة وعقدة واحدة متمساكة متناغمة.


القصة:


بداية الفيلم لقطات قصيرة خاطفة على موسيقى أكثر من حالمة لأشياء رقيقة.
فراشة ميتة يلتقطها طفل بريء فيدفنها
أسورة زجاجية ملونة تسقط على الأرض لتتهشم
حلق مشغول من الخرز يلقى بعيدا
فالبراءة تتهشم دوما في حياتنا.


ثم يستيقظ أنور وهو رسام بسيط من مكانه في الحافلة ونرى بوضوح أنه يشعر بالاختناق ويطلب من السائق التوقف للنزول.
نعرف أن أنور رسام, وأنه يجري بعض الأبحاث عن المعابد الهندية القديمة ويرسمها. لكنه هنا يبدو كالهارب؟ ترى مم؟
ولا يحتمي إلا في معبد هندوسي مهجور ومهمل تماما لا يوجد به إلا شخبطة بعض المحبين بالرمز المعروف (قلبين وسهم والأحرف الأولى) لإذن فهذا المكان هو ملاذ للمحبين وقد لجأ إليه هذا الهارب الحزين الغامض.
يفاجأ المشاهد بالحصار! وكشخص يعيش في الشرق ويرى كيف أصبحت المجتمعات الإسلامية في حالة ترقب عقب 11 سبتمبر (أو بالأحرى أصبحت ملطشة!) فبالتأكيد اهتمامه بموقف الشاب المسكين سيتضاعف
وهذه ميزة في الأفلام الهندية لا نجدها في أفلام دول أخرى كثيرة, فالحياة في الهند قريبة من أوجه كثيرة مع حياتنا في الشرق الأوسط ويلاقون نفس المشاكل وينعكس هذا على أفلامهم.
وانعكس هذا بالتأكيد على أنور.
نمضي مع بطلنا المحاصر لنرى ماذا سيحدث له.


لكن للمخرج رأي آخر!
فهو يرجع إلى ما حدث له في الماضي.
بل تتشعب القصة في انتقال سلس (باستثناء بعض المواضع) بين ثلاثة أزمنة
الحصار
حياة أنور الماضية
وزمن بينهما يأتي بلقطات خاطفة لا نفهمها إلا في النهاية
نرى في الزمن الحاضر الوزير, وهو سياسي يقفز مستغلا الفرصة ومن شهادة طفل رأى رجل مسلم يصلي في المعبد ولم يعثر في حقيبته التي سرقها إلا على رسوم معابد هندية وقلم وممحاة وكلمات متكررة: ماستر باشا, ميرو , كريشنا , ميهرو
من هذه الاشياء البسيطة نسج مؤامرة ارهابية كبرى لتدمير المعابد الهندوسية وحشد الآلاف من المتطرفين حول المعبد وأجبر هذا الوزير رجال الشرطة على حشد كل قوتهم هناك. فالانتخابات قادمة والناس في الولاية لم يروا وجهه منذ الانتخابات الماضية والهزيمة كانت نازلة لولا الارهابي المسكين!
والشرطة التي أجبرها الوزير على ترك كل شيء آخر يترأسها رجل مسكين آخر, فزوجته تحتضر ولا يوجد معها في المنزل إلا الطفلة الصغيرة ذات السنوات السبع وهو مضطر لتركها وحدها في هذا الموقف الرهيب بسبب إلحاح مساعد الوزير
ومساعد الوزير الذي يلوح بمسدسه مهددا بمناسبة ودون مناسبة والحريص على إنجاح هذا ال (مهرجان) لدرجة إحضار بعض المغنيين والمهرجين لتسلية الحشود معجب بإعلامية ناجحة فيطلبها خصيصا لتغطية الخبر لكي يستعرض أمامها جبروته!
وتأتي الإعلامية الشهيرة لتجري تحقيقها الصحفي هي الأخرى وهي غارقة في الاشمئزاز من اولئك القرويين وتغطي الأحداث بحماس فهذه قضية فيها الفتنة الطائفية والارهاب زتحاول توريط الشرطة في مأزق بسؤال الضابط لماذا لم تتفاوض أنت مع الارهابي وأرسلت شيخ المسجد؟ هل لأنه مسلم؟


وشيخ المسجد هذا حكايته حكاية! هو مشهد واحد فقط له لكنه كان يساوي فيلما بأكمله!
أرسلوه لحث الفتى على الاستسلام فقال لأنور "أيها الشاب ستموت حتما لأن هؤلاء يريدون إلهاء الجماهير بدمك! لو وقعت في أيديهم فسيحدث لك ما لا يحمد عقباه ولو قاتلتهم وآذيت أحدا فسيحدث للمسلمين في المنطقة ما لا يحمد عقباه, لا تستسلم يا ولدي وإلا فالنتيجة أسوأ من الموت, إذا اقتحموا عليك المعبد فاقتل نفسك أرحم لك!"


لكن من هو أنور؟


هذا هو الزمن الماضي من حياة أنور في ثلاثة أركان حيث أنور الرسام الهادئ المتدين يحدث دوما ماستر باشا الشحاذ المسكين الغارق في الرومانسية, كان ماستر باشا ممثلا عظيما ومصمما شهيرا لديكورات المسرح حتى ماتت حبيبته فلم يحتمل قلبه الرقيق وانكسر لدرجة أن أدخلوه مصحة عقلية خرج منها شحاذا يمثل على أهالي هذا الشارع أنه مجذوم أو ذاك الشارع أنه أعمى ويطير في عالم الحب الوردي مع أنور حديثا ورسما
ولكن كما تقول ميهرو: الحب لا يصنع الحياة!

من هي ميهرو؟ إنها الركن الثاني في حياة أنور, الجارة التي سكنت جواره حديثا فأطارت عقله بعينيها النجلاوتين, وفي مشهد رؤيته لها أول مرة أغنية من أروع اغاني الفيلم.
ميهرو من السطح فتاة محتشمة هادئة جميلة تحب أنور, لكن أنور يتضايق من أنها مجنونة بأرض الدمار (التي هي أمريكا) ويراها سطحية تظن أن ام تي في وبريتني سبيرز هي أمريكا التي يراها هو تضرب العراق وأفغانستان بلا رحمة. لكن ماستر باشا يعلمه أن الحب هو أن تقدر ما يحبه الآخرون مهما كان خاصة لو كانوا أحباءك
ولكن ما في أعماق ميهرو يتجاوز ذلك بكثير, لذا فحينما ظهرت أوديت تغيرت ميهرو في معاملتها مع أنور
من هو أوديت؟ الركن الثالث طبعا في حياة أنور: صديق الطفولة الذي يكره الحياة في بلده الهند ويراها خانقة ولا يتمنى في الحياة إلا أن يهرب لأمريكا بدلا من هذا البلد المقرف الذي يعيش فيه (لعلكم جميعا تذكرون مقابلتكم في الحياة لأشخاص مثله) ويسخر من أنور كثيرا لتشبثه بالحياة في الهند
وأوديت صديق طفولة أنور بالمناسبة........................... هندوسي!


هذه هي الشخصيات الرئيسية التي نتابعها في ساعتين ونصف (إلى جوار صحفي مخبول ومخرج فيديو كليب ثقيل الدم أسقطهما من الفيلم وكان يجب أن يسقطهما المؤلف!)


مع تقدم الأحداث نعرف حقيقة طريفة: اليوم هو عيد الحب أو الفلانتين
ونعرف حقيقة أخرى: كل شخصيات الفيلم من العشاق
فأنور يعشق ميهرو
وماستر باشا يعشق فتاة جاءته تطلب منه بعض التصميمات لكنه تكسر بخاطره
الوزير يعشق زوجة القاضي التي ترفضه
مساعد الوزير معجب بأنيتا المذيعة اللامعة
وأنيتا تحب شخص مجهول لكنها تحاول الانفصال عنه بغلق هاتفها في وجهه وتمزيق صورته باستثناء عينه التي تحتفظ بها في حقيبتها
وضابط الشرطة (المأمور) يحب زوجته وابنته كثيرا
هل تلاحظون معي نمط متكرر هنا؟
كلهم عشاق

والعشاق (باستثناء أنور وماستر باشا) لا يبالون بالحب.


لا يشعرون بأدنى تقدير لحب الآخرين
ما شأن الوزير بقصة أنور أو الضابط؟ المهم أن يموت لينجح في الانتخابات! ورغم ذلك سنرى في الحوار أنه تعرض لنفس موقف أنور وقال نفس كلماته
الضابط عاشق لزوجته لكنه لا يبالي بأنور إلا أنه يعطله عن قضاء الساعات الأخيرة معها, فليمت أو ينتحر أو يستسلم لمصير مرعب المهم أن ينتهي الأمر
ومساعد الوزير لا يبالي بأي شيء أصلا!
الهندوس المتطرفين أصلتا يؤمنون بقصة ميرا وكريشنا وهي من قصص الحب الخالدة
لكنهم يحطمون محلات الفالنتين داي بالشوم (موقف يتكرر في بعض الدول العربية والى حد ما ربما اتعاطف مع المبدأ وليس طريقة التطبيق المروعة!)


نرجع إلى الماضي لنجد نفس الحقيقة
أوديت وميهرو تلاقت اهتماماتهما, ولأنهما من أصحاب نظرية الحب يسمو فوق دماء الآخرين وتقاليدهم وحياتهم فقد اتفقا على خيانة أنور والزواج ليسافرا معا لأرض الأحلام!
طبعا كان موقف صادما لأنور وهو من أكثر مواقف الفيلم حزنا
عيبه الوحيد هو الأغنية التي رافقته بكلمات حزينة جميلة خدشها صوت مغني أجش ولحن مرح لا يناسب الموقف!
ومع ماستر باشا لا يتغير الأمر
حبيبة ماستر باشا أهملته وأهانته ولأن الجرح عظيم ولأنه يعرف أن العشاق الآخرين لا يبالون بحبه فلم يفصح عن الكثير من آلامه لأنور, أعطاه الأوراق والتصميمات ليوصلهل للفتاة وذهب........... لينتحر
الحلقة تضيق حولك يا أنور
في الماضي نرى كيف خانه الأصدقاء مع الأحباء
وفي الحاضر كيف تحول لكبش فداء
هنا تنتهي الأحداث متوافقة معا بالنهاية المنطقية

فالحب لا يصنع الحياة!



===============================

عن السيناريو:

القصة ممتازة ومتماسكة يندر أن نجدها في فيلم هندي,.
لكنها انحرفت قليلا وعانت من بعض التطويل. مشاهد الصحفي الخنيق والمخرج ثقيل الدم تستحق أن تحذف!
القصة تلامس مشاكل نراها
الفتنة الطائفية والوحدة الوطنية؟ هناك صداقة بين أنور وأوديت لكن الحياة والمجتمع يفرض الاضطهاد على الأقلية المسلمة ويشجع على هذا بعض السياسيين المتطرفين (بالمناسبة اسم الحزب الذي ينتمي إليه الوزير هو الوحدة الوطنية!)
الوطن المختنق والرغبة في الفرار: السفينة تغرق فتهرب منها الفئران (أليست السفينة تغرق وأليس من حق الفئران أن تعيش)
التشدد ضد المسلمين في العالم بعد 11 سبتمبر وكيف أثر على أصغر فرد في قرية في ولاية هندية نائية
من مميزات الفيلم أنه لم يتبع النظرية الأمريكية الحمقاء التي تجعل المرأ يقدم الحب على الوطن والدين والأخلاق رغم أنهم في سينما الهند يسرفون في استخدام هذه التيمة


الحوار:
قوي جدا به كلمات مذهلة
(عندما يعجز هؤلاء عن محاربة الفقر والجوع يحاربوننا نحن)

(هذا الحشد الكبير سينسى مشاكله إذا رآك ميتا)

(نحن على اتصال دائم بالقيادة المركزية وكل شيء تحت السيطرة) على غرار تبعا لتوجيهات السيد الرئيس عندنا!

(ما الفارق الذي سيحدثه اسمي؟ أن تكون مسلما فهذا يكفي)

(إنها تظن أن MTV هي أمريكا)

(يجب أن يموت هذا الشاب سواء كان إرهابيا أم لا, إن لم يحدث فاقبض عليه واجعله يعترف أنه إرهابي دون إيذاء مشاعر أي شخص!)

(انس كل هذا الحب وركز في عملك)

(الحب شيء جميل يا أنور لكنه لا يصنع الحياة)

(أنت تعتقد أن العالم كبير لكن أكبر منه حقيقة أنك هندوسي وهي مسلمة)

(تلك الأيام الأطفال غارقون في غيبوبة الحب)


التصوير والديكور:
كلها مشاهد خارجية في أماكن طبيعية في الهند وطبيعة الهند أكثر من فاتنة حينما يريدون إظهارها (مما يجعلني أتحسر على السينمات العربية التي تفشل دوما في هذا)


الاخراج والمونتاج:
متميز حقا, تنقل المشاهد بسلاسة وتتابع اللقطات يستحق الاوسكار! لكن للاسف الحلو ما يكملش فبعض التطويل كان سخيفا وخانقا!
اختيار زوايا تصوير الممثلين وبالذات أنور كانت متميزة.

التمثيل:

* Manisha Koirala ... Anita المذيعة
* Vijay Raaz ... Master Pasha الشحاذ
* Siddharth Koirala ... Anwar انور
* Nauheed Cyrusi .., Mehru ميهرو

* Hiten Tejwani ... Udit الصديق الهندوسي

Prithvi Zutshi ... Minister الوزير


أنور أو مانشيا كويرالا رائع رائع رائع! باستثناء مشاهد قليلة فقد كان متمكنا تماما! رغم أن هذا هو عمله الأول بل الوحيد!


شقيقته الاكثر شهرة منه مانيشا كانت بالكاد لا بأس بها, على أي حال هي دور مساعد لكنها الاسم الذي يحمل الفيلم نوعا لأن أغلبه من الممثلين محدودي الشهرة
ميهرو : وهي صامتة ممثلة أفضل منها في المشاهد الحوارية بكثير


الوزير: نجح في أن نكرهه ولكن هذا اتقان في التمثيل!
ماستر باشا: بصراحة ملامحه لا تساعد! لكنه أجاد دور العائش في قصور الخيال


الموسيقى :
جيدة جدا: الميزة هنا أن الأغاني جزء من نسيج الفيلم يشذ عليها أغنية فيديو كليب بلا لو ولا طعم ومزعجة جدا ومحشورة حشرا دون مبرر! اللحن في الأغنية التي تعبر عن حالة أنور بعد خسارته حبه سيء وغير مناسب اطلاقا بينما كان موفقا في تلك التي تعبر عن ندمه
اروع اغنية هي اغنية يا الله لقد وقعت في الحب (مولا ميري)Maula Mere Maula 1] رااااائعة
يمكن مشاهدتها على اليوتيوب من هذا الرابط
http://www.youtube.com/watch?v=AcKhEXJfMIA

أجمل المشاهد: أنور حينما يهرب من تأنيب الضمير فيغلق باب حجرته خلفه ويضع خلفه المتاريس كأن هذا سيحميه من عذابه
حديث أنور مع المذيعة بعد أن أصبح يهلوس وهو يطلب منها أن تبلغ ميهرو تحياته واعتذاره
المشهد الأخير لأنور!
مشهد انتحار ماستر باشا وكيف قلبت أضواء الاتوبيس القادم لأضواء مسرح يرحب به!




في النهاية هو فيلم رائع أنصحكم بمشاهدته