الأحد، 12 يونيو 2011

أدباء الاسكندرية: اسماعيل وهدان مؤشر على عودة ظاهرة النبوغ المبكر للعرب

في مكتبة الاسكندرية, هذه المنارة الثقافية والعلمية الرفيعة استضاف مختبر السرديات أصغر روائي في مصر, اسماعيل وهدان لمناقشة روايته (أنا لست شريف) التي اتمها وعمره 12 عاما فقط.

الندوة أدارها الاديب (منير عتيبة) وتحدث فيها الناقد د-محمد عبد الحميد وشهدت حضورا كبيرا إذ امتلات القاعة عن آخرها وكان من ضمن الحضور رشاد بلال, د. عبد الباري خطاب, احمد حميدة, د. نادية البرعي, سهير شكري, هناء عبد الهادي, أحمد الملواني, هيثم الوزيري.

الرواية نشرت عام 2009 ضمن اصدارات منتدى التكية الأدبي, في كتاب واحد مع متوالية قصصية لوالدته د-ايمان الدواخلي. وتمت مناقشتها من قبل في بيت الشاعر بواسطة الناقد-دمصطفى الضبع ويذكر أن اسماعيل وهدان (مواليد 1996) بدأ طريق النشر عبر المشاركة في كتب جماعية (اعذريني ومخاوف أخرى- فأر في المصيدة- حتى القهوة أصابها البرود) قبل أن ينشر روايته. وفاز مؤخرا بالمركز الثاني في مسابقة التكية لأدب الإثارة ذو الطابع المحلي (نشرت الاعمال الفائزة في مجموعة جبانة الأجانب)ـ

البداية كانت من أ. منير عتيبة الذي ذكر انه حين أعطاه الكاتب أحمد الملواني نسخة الكتاب متحدثا عن روائي عمره 12عاما تصور أنه بصدد عمل يشير لمستوى جيد في اللغة أو متميز في الأسلوب لكنه فوجئ بمستوى الرواية المتقن وأنها من النوع البوليسي النفسي. الذي يركز على كلا من التقنية والمحتوى وقد نجح في كلاهما عن جدارة رغم صغر عمره.

وهو ما أكده د-محمد عبد الحميد الذي أكد أنه فوجئ بعمره قياسا بمستوى العمل ولكن مهمة الناقد هي نقد العمل الادبي في ذاته بغض النظر عن مؤلفه

بعدها بدأ د-محمد عبد الحميد في سرد ملخص سريع لأحداث الرواية وأنها ترتكز على محورين: نفسي يأخذ أنماطا متعدة والثاني روايات الاعتراف ذات النكهة البوليسية

تناول أسلوب الكاتب ووصف اختياره لضمير السرد الاول (المتكلم) بالموفق حيث انه ساعد على خلق حالة إشفاق من القارئ على الراوي رغم غرائبيته كما أن الرواية ليست طيعة على القارئ بلجوئها لتلك المنطقة الجمالية المعزولة التي تسخر الهذيان لتدمير كل المؤسسات الطبية والاجتماعية والبلاغة الأرسطية. فهو يكتب بلغة غير مألوفة هي لغة الهذيان.

وأما تقنيات الرواية فكان أفضلها هو تقنية الزمن. فرغم غلبة الخطية على الرواية فالعودة عبر الفصل الثالث لاسترجاع قصة تعارفه على حسام وما تلاه من استرجاعات تقدم هامشا معرفيا عن السارد فلا يستطيع القارئ وضع صورة السارد إلا من جمع اجزاءها عبر الفصول.

لغة الرواية تتناسب مع مقولة الحداثيين أن الجنون هو استعارة كبرى للحياة. المنولوج الداخلي بها يتكشف ويتحول إلى منولوج خارجي بين الأنا والأنا الأخرى كما أن القول المبتسر والتشوشات والقلق النفسي يتناسب مع المدلول لشخص غرق في بئر أفكاره.

لجأ الكاتب كذلك لتقنية المشاهد المتقطعة واستخدمها للتعبير عن عقلية فريسة استذكارات غير مكتملة من الطفولة كأطياف في ذاكرة مهترئة

ثم بدأ الناقد في الحديث عن مآخذه على الرواية, ومنها اضطرابات في الإحكام حيث ان مثل هذه الروايات يجب أن تكون محكمة الصنعة فلا تظهر فيها تساؤلات تناقضية مثل كيف تذكر بيت أمه ولماذا يستمر في قراءة يومياته رغم انه وجدها مزيلة باسم شريف رغم أنه يتناقض مع حالة الانكار المسيطرة عليه؟

الرواية تقدم نموذج مريض نفسيا لكن مع بعض الضبابية حول كنه المرض إن كان الفصام أم فقدان الذاكرة المزمن. مع ترجيح القارئ للفصام الذي هو رفض للحياة.

بعد ذلك بدأت مداخلات الحضور وأكد عدد منهم أنهم أتوا اليوم تحديدا لرؤية هذا المغامر صغير السن الذي أنجز رواية في هذا العمر بهذا المستوى. وترددت بعض المآخذ على الرواية مؤكدين وجهة نظر د-محمد عبد الحميد في مناقشة النص لذاته وليس لعمر كاتبه, ومنها كثرة الاخطاء النحوية, وغياب العلاقات النسائية والمرأة عموما (باستثناء الأم) عن حياة البطل وإن اعتبر أحد الحضور هذا مبررا لأن مريض الفصام يميل للعزلة والبعد عن العلاقات اللصيقة خاصة مع كون الام سببا وجزءا من مشكلة البطل قد يؤدي لنفور عام من النساء. وإن لم يوجد في الرواية ما يشير لهذا النفور.

أشار البعض كذلك لبطأ تصاعد الأحداث في الرواية وإن حافظ على التشويق, وكانت إحدى ملاحظات الحضور أنه لم يقتنع بأن الكاتب في هذا السن أبدا أثناء القراءة وهو إضافة حقيقية.

بينما عبر الروائي أحمد حميدة عن عدم اقتناعه بالعمل, حيث رأى فيه بعض المشاهد القوية التي تشير لامكانية تكوين رواية فيما بعد لكنه لم يستطع أن يفهم العمل رغم أنه قارئ جيد. لذا فينصح اسماعيل بالصبر قبل خوض التجربة الروائية.

ثم تحدث د-عبد الباري خطاب مشيرا إلى العنوان المحير, أهو خطأ لغوي أم اسم علم؟ فلا تفك الحيرة إلا بعد قراءة الرواية, والغلاف الشطرنجي المحير الذي لا يفهمه القارئ إلى بعد اتمام العمل ثم أتت المقدمة تحريضية مستفزة بها منطق لا يمكن أن يرفض يمثل صدمه للقارئ.

ثم اتجه النقاش بعد ذلك لقضية سن الكاتب وتأثير الكتابة عليه, فطلب البعض من اسماعيل بالتمهل, رغم اعجابهم بالعمل لكنهم رأوا أن إنجاز مثل هذا العمل خاصة مع شقه النفسي المعقد يمثل حملا ثقيلا على نفسية طفل مازال على أعتاب المراهقة, بينما كان هناك رأي آخر يرى أن اسماعيل وهدان ليس ظاهرة غريبة على العرب, وكما ذكر أ. منير عتيبة أننا نرى الطفل الذي حصل على الدكتوراه في العاشرة من عمره في أوروبا, وعندنا من حفظ القرآن في السادسة بينما نجد من هو في الأربعين غير قادر على تلاوة آية. فالنبوغ الأدبي المبكر عرفناه عند العرب كثيرا ولعل أحد أمثلته الشاعر أبي قاسم الشابي الذي حركت أبياته الأمة العربية. لكن الاهتمام بالمواهب والبراعم الصغيرة هو الذي تراجع في عصرنا الحالي واسماعيل قد يكون مؤشرا لعودة هذه الظاهرة لبلادنا في هذا العصر الجديد الذي يلعب فيه الشباب دور المحرك.

ثم في الختام قام المؤلف الصغير في الرد على أسئلة الحضور, بعضها حول أحداث الرواية ووجهة نظره فيها, وذكر أنه لم يخطط لهذا الاتجاه البوليسي النفسي والرواية كتبت نفسها بنفسها.

لمشاهدة فيديو اللقاء

http://www.megavideo.com/?d=MK2RD89N

لتحميله

http://www.megaupload.com/?d=MK2RD89N

اسماعيل وهدان في ندوة مختبر السرديات بالاسكندرية
جانب من حضور الندوة (الروائي د-عبد الباري خطاب)ـ

ليست هناك تعليقات: